القائمة الرئيسية

الصفحات

أخبار الاخبار

احدث المواضيع

تاريخ الارقام في الرياضيات


 


بحث شامل 


تاريخ الارقام في الرياضيات

الأرقام:

لم يكن العرب قبل الاسلام يستخدموا الرموز للأرقام، حتى في الدول والمناطق المتحضرة آنذاك كاليمن والمناطق القريبة من شبه الجزيرة العربية، مثل العراق وسوريا. وفي هذا المجال لابد من الإشارة إلى أنهم كانوا يكتبون الأعداد بواسطة الكلمات أو الحروف الأبجدية. (Lay-Yong. L. p185).

ويرجع استخدام الحروف الأبجدية للتعبير عن رموز الأعداد إلى الماضي البعيد. إذ كان رمز العدد يعبر عنه بواسطة حرف أبجدي استناداً للحرف الأول من الكلمة التي تعبر عن العدد، فمثلاً يستخدم الحرف خ ليعبر عن العدد خمسة والحرف ع ليعبر عن العدد عشرة والحرف م ليعبر عن العدد مائة وهكذا..(البكري، 1954، ص 77).

كان عرب المشرق بشكل عام يستخدمون رموز الأعداد استناداً إلى تسلسل الحروف الأبجدية، فيما كان عرب المغرب يختلفون بعض الشيء في استخدام الحروف في تمثيل رمز الأعداد كما مبين في جدول (1). هذه الطريقة كانت تسمى عند العرب (حساب الجمل) بمعنى استخدام الحرف الأبجدي للتعبير عن رمز العدد بناءً إلى ترتيب الحروف الأبجدية.

استمر العرب باستخدام الحروف الأبجدية للتعبير عن رموز الأعداد لفترة طويلة قبل الاسلام. ومن المفيد الإشارة هنا إلى أن ظهور الأعداد في القرآن الكريم كانت على شكل كلمات لا رموز مثل (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً)، وغيرها من الآيات القرآنية.

ومن الجدير بالذكر أن في لغتنا العربية لا توجد إشارة واحدة أو جملة تعبر عن قيمة ما بعد الألف، إذ كان العرب يشيرون إلى المليون بألف ألف، كما موضح في حساب الجمل في الإشارة إلى الأعداد الكبيرة. (جدول 2). (مطلب، 1978، تاريخ العلوم الطبيعية، ص91).

وقد استمر العرب باستخدام حساب الجمل للتعبير عن رموز الأعداد حتى ظهور الرموز الهندية للأرقام التسعة الأولى. إن أول إشارة للأرقام الهندية ظهرت في العالم العربي كانت في كتاب القس سيفيروس سيبوخت من مدينة نصيبين سنة 662 ميلادية، حيث لاحظ أن الهنود يستخدموا الرموز التسعة، (وهو الشيء الذي كان يميز الهنود عن غيرهم في استخدام الرموز التسعة للأرقام).

ومنذ بداية العصر العباسي ازدهرت حركة الترجمة من اللغة السريالية إلى اللغة العربية، وقد شجع الخليفة المنصور العلماء إلى المجيء إلى بغداد. وفي نهاية القرن الثامن الميلادي كان كتاب (BRAHMA-SPHUTA SIDDHANTA) والذي سمي من قبل العرب كتاب السندهند، قد ترجم إلى اللغة العربية. هذا الكتاب يحتوي على الجداول الفلكية التي كتبت بواسطة العالم الرياضي والفلكي الهندي براهماجوبتا (Brahmagupta) والذي عاش للفترة (588-660) ميلادية. كما أن هذه الجداول الفلكية قد كتبت عام 628 ميلادية. وقد أصبح هذا الكتاب العلمي القيم معروفاً لدى العرب في الفترة (771-773) ميلادية، والفضل في ذلك يعود للفلكي الهندي كانكا (Kankah) الذي وفد إلى بغداد وجلب هذا الكتاب للخليفة المنصور في بغداد (754-755) ميلادية.

ونظراً لأهمية هذا الكتاب العلمية ولما عرف عن الخليفة ابو جعفر المنصور في الاهتمام بنشر العلوم بين العرب، فقد طلب أن يترجم إلى اللغة العربية وأن يؤلف على نهجه كتاب يعتمد عليه العرب في أعمالهم الفلكية، وقد تولى القيام بتلك المهمة الفلكي محمد بن ابراهيم الفزاري الذي اعتمد عليه في تأليف كتاب أطلق عليه علماء التنجيم العرب تسمية (السند هند الكبير) وبقي العمل على وفق ذلك الكتاب حتى عهد الخليفة المأمون حيث ألف محمد بن موسى الخوارزمي (780-851) ميلادية زيجه المشهور الذي احتل الأهمية الكبيرة في الدولة الاسلامية.(القفطي، تاريخ الحكماء، ص270)، (شوقي والدفاع، العلوم الرياضية في الحضارة الإسلامية، مجلد 1، جون وبالي، نيويورك، 1985، ص 38).

وقد كان ذلك الكتاب الذي ترجمه العرب يحتوي على جداول فلكية تضمنت الرموز التي مثل بها علماء الهند الأرقام والتي أثارت اهتمام العرب لما لها من الأهمية، لذا فإن ترجمة ذلك الكتاب إلى اللغة العربية كانت بمقام فتح جديد في مجال الرياضيات حيث إنها تمثل أول اطلاع للعرب على رموز تلك الأرقام، وكذلك فإن ذلك العمل مهد الطريق للخوارزمي الذي عمل من خلال مؤلفاته التي تركها على تعميم استعمال الأرقام بفكرتها الجديدة من إطار الدراسة العلمية الصرفة إلى حيز الاستعمال اليومي في معاملات الناس.(المنشداوي، ص 136).

ومن الجدير بالذكر الإشارة إلى أن العالم العربي قد عرف واستخدم الأرقام الهندية بفضل كتاب الخوارزمي، ولهذا السبب فقد بدأت الأرقام الهندية تحل محل الحروف الأبجدية وحساب الجمل.

لقد اختلف وتساءل بعض الباحثين عن دور العرب في تطور الأرقام؟ وللاجابة عن هذا التساؤل، نذكر بأن المصادر العربية القديمة قد أثبتت بأن أصل الأرقام يعود إلى الهنود وأن تهذيب أشكال الحروف قد قام به العرب فيما بعد.

وقد أكد عدد من الباحثين كون العرب أخذوا عن الهنود فكرة الترقيم وليس أشكال الأرقام كما ذكرها الهنود ومن أولئك الشيخ محمد حسن آل ياسين، الذي ذكر: (أن العرب بعد أخذهم شكل تلك الأرقام قد أجروا عليها من التعديل والتشذيب ومنحوها من الذوق والانسيابية واللمسة الفنية ما جعل لها صورة متميزة وشكلاً وطريقة معينة في الكتابة وربما يستهدفون بهذا التحوير أن يجعلوا تلك الأرقام أكثر شبهاً وقرباً إلى حروف أبجديتهم ذات القيمة العددية أيضاً في الشكل والرسم. (آل ياسين، محمد حسن، الأرقام العربية مولدها نشأتها تطورها، مطبعة المجمع العلمي العراقي، بغداد، 1982، ص13).

أما قدري حافظ طوقان فقال: (وكان لدى الهنود أشكال عديدة للأرقام هذب العرب بعضها)، . (طوقان: تراث العرب العلمي في الرياضيات والفلك، دار الشروق، بيروت).

وأوضح الدكتور أحمد مطلوب اختلاف أشكال وصور الأرقام العربية عن الهندية بقوله: (إن العرب أخذوا عن الهنود فكرة الأرقام ولم يأخذوا أشكالها وصورها).(مطلوب: أحمد: الأرقام العربية. مجلة المجمع العلمي العراقي، المجلد 31، الجزء الرابع، 1980، ص188).

أما الدكتور عادل البكري فقد أكد الأصالة العربية للأرقام بقوله (لا يمكن بأي حال من الأحوال الطعن بأصالتها العربية). (البكري، عادل: تطور الأرقام العربية المشرقية والمغربية، مجلة المجمع العلمي العراقي، المجلد 26، 1975، ص 240).

 لقد كون العرب سلسلتين أو نوعين من أشكال الأرقان نميز بين تينك السلسلتين الأولى سادت في المشرق العربي كما جاء ذلك في كتاب الفهرست لأبن النديم وسميت بالأرقام الهندية. أما السلسلة الثانية فقد انتشرت في المغرب العربي كما أشار إلى ذلك ابن خلدون في مقدمته (1332-1406) ميلادية وقد سميت بالأرقام الغبارية. وهذه الأخيرة انتقلت إلى أوربا وبقية انحاء العالم من خلال أسبانيا عندما كانت اسبانيا جزءاً من الدولة الإسلامية.

اتفق معظم الرياضيين والمؤرخين على فكرة أن أصل الأرقام هو هندي، ولكن البعض من عرب المشرق قد طوروها إلى أن أخذت الشكل النهائي للسلسلة الأولى وهي:

1    2    3    4    5    6    7    8    9

والشيء نفسه ينطبق على السلسلة الثانية التي طوروها عرب المغرب إلى أن وصلت إلى صورتها النهائية الآتية:

1    2    3    4    5    6    7    8    9

        إن أقرب شكل أو صورة للأعداد وجدت في مخطوطة ليدن (Ledien)، كما أشار إلى ذلك شوقي والدفاع في كتابهما (العلوم الرياضية في الحضارة الإسلامية).  كما أشارا إلى أن الصفر قد أخذ شكل النقطة في المشرق العربي بينما أخذ العدد خمسة شكل الدائرة كما هو مستخدم في المشرق العربي اليوم. والجدير بالذكر أن العرب لم يحددوا أنفسهم في النقل الميكانيكي أو الحرفي لرموز الأعداد الهندية التسعة وإنما قدموا تغييرات كثيرة لتحسين وتبسيط شكل رموز الأعداد.

الصفر:

        لم يقتصر دور العرب في عملهم على تطوير فكرة استخدام نظام الترقيم على تهذيب الرموز التسعة المستخدمة للدلالة على الأرقام، وإنما كان لهم الأثر الفعال في إعطاء الصورة الحقيقية لنظام الترقيم وجعله نظاماً مرناً سهل الاستعمال وذلك باستخدامهم الصفر استخداماً صحيحاً حيث إنهم أعطوا المضمون العلمي للأرقام التسعة وذلك لما للصفر من أهمية كبيرة في الوضع المكاني للأرقام حيث إننا وعن طريقها مع الصفر أصبح بإمكاننا أن نعبر عن صيغ غير متناهية من الأعداد مهما كبر حجمها وبذلك سهلوا عملية إجراء الأعمال الحسابية وكان ذلك دافعاً مهماً لا لتقدم الرياضيات بصورة خاصة ، وإنما كان له الدور الكبير في تقدم بقية العلوم الصرفة لما لها من علاقة وثيقة مع الرياضيات والتي تشكل الأرقام هيكلها الأساسي. (المنشداوي، خضير عباس: تاريخ علم الرياضيات عند العرب،منشورات جامعة قار يونس، بنغازي، 1999).

        لا شك في أن اختراع الصفر والأرقام يعود الفضل فيه إلى الهنود. وعلى هذه الحقيقة اتفق معظم المؤرخين والرياضيين. إذ يقول داتا (Datta) إن أول أثر كتابي للأرقام في الهند كتب بصورة قيمة عشرية كان في عام 595 ميلادية.

        لكن هناك رياضيون يرتأون أن الصفر من اكتشافات اليونايين ومن ثم نقل إلى الهند استناداً إلى الصلات التجارية والعلمية بين اليونان والهند آنذاك ومن ثم نقل إلى العرب فيما بعد. (Waerden 1954).

        وهناك فكرة أخرى يعتمدها Lay-Yong حيث يقول إن أصل الصفر والأرقام ونظام القيمة المكانية للأرقام هو من اكتشاف البابليين.

        كذلك يعتقد ياسين خليل بأن الصفر هو من اكتشاف البابليين، إذ يقول في كتابه التراث العلمي العربي إن استخدام الصفر في الجساب كان من اختراع البابليين، حيث ظهر في الحقبة السلوقية واعتمد بعد ذلك بواسطة اليونانيين ثم رجع إلى العرب مرة أخرى، وأن الحسابون والفلكيون الذين استخدموا النظام الستيني قد ورثوا الصفر من خلال التراث العلمي الرياضي. (ياسين خليل).

        وسواءاً كانت هذه الأفكار والآراء صحيحة أم لا، فلا يوجد شك بأن العرب والمسلمين قد طوروا مفهوم الصفر والذي بدوره سهل العمليات الحسابية. لقد عرفوا الصفر على إنه المكان الخالي من أي شيء. ومن الجدير بالإشارة إلى أن الأوربيون قد ترددوا ولفترة طويلة في استخدام الصفر على الرغم من قوائده، وبقيت أوربا تستخدم الأرقام الرومانية حتى القرن الثاني عسر الميلادي.

        وقد كان الهنود يسمون الصفر (سونيا) وفي اللغة اللاتينية يسمى (Cephirum)، وفي اللغة الألمانية كانت تسميته (Ziffer). وفي عملية التطور التي حصلت آنذاك كان العرب في المشرق احتفظوأ بالنقطة (مركز الدائرة) كرمزا للصفر، فيما احتفظ العرب في المغرب بالدائرة من دون مركزها لتمثل الصفر.

        أخيراً يمكن أن نستنتج أن الأرقام أصلها هندي، لكن العرب والمسلمين عملوا على تطويرها في عصر ازدهار الحضارة العربية الاسلامية حتى وصلت في شكلها الحالي إلى أوربا وبقية انحاء العالم. ويعتقد عادل البكري بأن الأرقام التي تيتخدم في المغرب العربي واوربا هي الأرقام العربية ونفس الشيء يشمل الأرقام المستخدمة في المشرق العربي لأن كلتا السلسلتين هما من تطوير العرب.

5 صفحات للجداول من الاطروحة

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الحساب:

يرتبط الحساب عادة بالحياة الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع، إذ أن أفراد كل مجتمع بحاجة للحساب، فبدون الحساب لا يمكن بناء السدود، ولا البيوت، ولا الجوامع أو الكنائس، ولا يمكن توزيع الأراضي على الفلاحين، والتي تحتاج إلى حساب مساحتها وإرواءها.

لقد دخل الحساب في حياة الناس الاجتماعية والاقتصادية والتجارية، والشراء والبيع، وتوزيع الميراث، وحساب التكاليف...الخ. ولقد عرف العرب الحساب قبل الاسلام لأنهم كانوا بحاجة إليه وبعد ظهور الاسلام، تقدم وتطور الحساب بواسطة العرب والمسلمين مع تطور وتوسع الدولة الاسلامية ومع تعاظم مسؤولياتها التي تتطلب العمليات الحسابية في حساب الجنود والمالية.

من جهة أخرى شجع الاسلام العلماء على ممارسة نشاطاتهم العلمية. وجدير بالإشارة إلى أن كلمة حساب قد جاءت في القرآن الكريم (25) مرة. فقد تعامل القرآن مع الميراث في كثير من الآيات منها ﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا  مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾.(آية 11)، سورة النساء.

وقد تطور الحساب بعد ظهور الاسلام بشكل سريع كما إن المسلمون اكتسبوا العلوم من الشعوب والأمم المجاورة. فقد نظر العرب إلى علم الحساب نظرة دقيقة وذلك لما له من أهمية في أمور حياتهم الدينية ومعاملاتهم اليومية لذا فان تعمقهم في دراسته قادهم إلى التمييز بين نوعين رئيسيين منه وهما: علم الحساب النظري وعلم الحساب العملي. (المنشداوي، ص175).

فعلم الحساب النظري كان يبحث في الأعداد بصورة مطلقة مجردة في الذهن عن الأجسام حيث تناول خواص الأعداد مثل الأعداد الزوجية والفردية والمتباينة والمتحابة. وقد عرفه الفارابي بقوله: (إنه يفحص عن الأعداد بإطلاق على أنها مجردة في الذهن عن الأجسام وعن كل معدود منهت وإنما ينظر فيها مخلصة عن كل ما يمكن أن يعد بها من المحسوسات. (الفارابي: احصاء العلوم، ص 93).

أما علم الحساب العملي فهو الذي يبحث في تطبيق الأعمال الحسابية على الأعداد لكونه (يفحص عن الأعداد من حيث إنها معدودات تحتاج إلى أن يضبط عددها من الأجسام وغيرها)، وذلك مثل خمسة رجال أو تسعة دراهم وهكذا، لذلك فإن الحساب العملي أكثر فائدة في مجال الحياة اليومية مثل توزيع الأموال وحساب العمل والأجور وإحصاء المحاصيل الزراعية والانتاج وقياس المسافات والارتفاعات. (ياسين خليل: العلوم على مذهب العرب، مجلة المجمع العلمي العراقي، ص 160(.

وكان يقوم على استخدام العمليات الحسابية وما يتصل به من أعمال المساحات سواء الدوائر أم المثلثات وأعمال الخراج المختلفة وكل ما يحتاج إلى مفاهيم علم الحساب في الوصول إلى نتائجه الدقيقة. وكان هذا الجانب من علم الحساب من الأمور الأصيلة التي اهتم بها العرب ليس فقط عند قيام دولتهم العربية الإسلامية وإنما كانت لهم إسهامات متعددة في فترة ما قبل الإسلام وذلك لتوسع نشاطهم التجاري والعمراني. (المنشداوي، ص 176).

وقد قسم العرب علم الحساب إلى فروع وأقسام عديدة أهمها:

1.علم الحساب الغباري:

        أطلق العرب على هذا النوع من الحساب عدة تميات منها علم حساب الغبار وعلم حساب التخت والميل، أو علم الحساب الهندي تبعا لطريقة ووسيلة إجراء العمليات الحسابية، فقد كان يتخذ لوح ينشر عليه الرمل أو الغبار ثم تحفر الأرقام في الرمل بالأصبع أو بميل خاص لذلك سمي بعلم حساب الغبار أو التخت والميل. أما سبب تسميته بالحساب الهندي فلكون الأرقام التي كانت تستخدم في الحساب هي الأرقام الهندية التسعة.

        لقد ترك لنا العرب مؤلفات كثيرة في علم الحساب الغباري كانت تبدأ بتعريف صور الأرقام ثم العمليات الحسابية من التنصيف والتضعيف والزيادة والنقصان والضرب والقسمة والتجذير في الأعداد الصحيحة والكسرية، ومن هذه المؤلفات، (المنشداوي، ص 178):

1. الحساب الهندي، لسند بن علي.

2. استعمال الحساب الهندي، للكندي.

3. البحث في الحساب الهندي، لأبي حنيفة الدنيوري.

4. التخت في الحساب الهندي، لسنان ابن الفتح.

5. الفصول في الحساب الهندي، لأبي الحسن أحمد بن ابراهيم الإقليدسي.

6. أصول حساب الهند، لكوشيار بن لبان الجيلي.

7. الكتاب الهندي، لأحمد بن عمر الكرابيسي.

8. كتاب التخت لأبي يوسف يعقوب بن أحمد الرازي.

9. التخت في الحساب الهندي، لأبي نصر محمد الكلواذي البغدادي.

10. علل الحساب الهندي، للحسن بن الهيثم.

11. نزهة النظار في صناعة الغبار، لابن الهائم المقدسي.

12. كشف الأسرار عن علم حروف الغبار، للقلصادي.

2. علم الحساب الهوائي:

وهو الحساب الذهني أو الفكري حيث تجري عملياته بصورة شفوية وبلا حاجة إلى تخت وميل أو قلم وورقة. وانتشر هذا العلم بصورة خاصة بين التجار وبين الذين كانو لا يعرفون القراءة والكتابة حيث إنه نافع للتجار في الأسفار وفي مواضع لا يتيسر فيها الكتابة وأعظم منافعه لأهل السوق من العوام.

وقد ترك علماء الرياضيات العرب مجموعة نفيسة من المؤلفات التي تناولت علم الحساب الهوائي وأبوابه ومن هذه الكتب (المنشداوي، ص 191):

1.الكامل في الحساب الهوائي، لأبي القاسم أصبغ بن محمد.

2. المعونة في علم الحساب الهوائي، لابن الهائم المقدسي.

وكانت المؤلفات العربية في علم الحساب الهوائي دائما تبدأ في تعريف الحساب وموضوعه وأقسامه واسماء الأعداد، ثم توزع مواد الكتاب إلى ثلاثة أقسام ؤئيسية هي أعمال الأعداد الصحيحة والكسرية وأعمال الجذور وغيرها.

3. علم حساب العقود:

        تقوم هذه الطريقة على الاستفادة من اختلاف أصابع اليدين وامكانية تغيير هيئاتها وأوضاعها في التعبير عن الأعداد، فقد وضع العرب بازاء تلك الأوضاع أعداداً مخصوصة ورتبوا لأوضاعها المختلفة آحاد وعشرات ومئات وألوفاً.

        وقد اهتم العرب بعلم حساب العقود لما له من أهمية وذلك لكون العمل فيه يكون أسهل من حساب الغبار الذي يتطلب الأدوات والمواد الخاصة به، إضافة إلى كون حساب العقود يعد وسيلة حسابية سهلة للتفاهم في إجراء الأعمال الرياضية بين الناس على الرغم من اختلاف اللغات بينهم لأنه يعتمد على أسلوب الإشارة التي تتخذ من أصابع اليدين أساساً لها.

        وللعلماء العرب مجموعة من المؤلفات في حساب العقود تناولت توضيح العمل بذلك، ومن هذه المؤلفات:

        منظومة ابن المغربي، لأبي الحسن علي المغربي، وقد شرحها زين الدين عبد القادر،  علي بن شعبان الزيان المصري المتوفي سنة 892 ه/ 1487م بالشرح الموسوم ( شرح منظومة ابن المغربي في حساب اليد) وقد رتبه على أربعة فصول في عقود الآحاد والعشرات والمئات والألوف. (المنشداوي، ص118)

4. علم حساب الخطأين:

ويقوم علم حساب الخطأـين على استخراج المجهولات العددية عن طريق جعلها على شكل أربعة أعداد متناسبة، وسمي بحساب الخطأين لأن التوصل إلى الناتج المطلوب يكون عن طرق فرضين مفروضين وخطأين حاصلين. ومن المؤلفات العربية في هذا العلم هي:

1.البرهان على عمل حساب الخطأين، لقسطا بن لوقا البعلبكي.

2. كتاب الخطأين، لأبي كامل شجاع بن أسلم المصري.

3. حساب الخطأين، لأبي يوسف يعقوب بن محمد الرازي.

4. حساب الخطأين، للحسن بن الهيثم.

5. علم حساب الدور والوصايا:

وينحصر هذا العلم باستخراج المطالب المفروضة وترك الأموال وقسمتها وايجاد نصيب المجهول من تلك الأموال. ولحساب الدور والوصايا علاقة بالإرث من ناحية والهبة التي يمنحها السيد لمعتوقه ووفاة المعتوق قبل السيد وكيفية قسمة المال الموهوب للمعتوق والطرائق الحسابية المتبعة في ذلك.

ومن المؤلفات التي كتبها العرب في هذا الجانب من جوانب علم الحساب المؤلفات الآتية:

1.    حساب الدور، لأبي حنيفة الدنيوي.

2.    كتاب الوصايا، لسنان بن الفتح الحراني.

3.    حساب الدور، لأحمد بن عمر الكرابيسي.

4.    حساب الوصايا، للكرابيسي أيضاً.

6. علم حساب الفرائض

        وهو علم يتعرف منه القوانين المتعلقة بحساب الفرائض حول قسمة التركة على فروض مقدرة في القرآن الكريم، وأ، تلك الأركان المتعلقة بالفريضة لا يتم الوصول إليها إلا على وفق القواعد الحسابية.

        ويرتبط هذا العلم ارتباطاً وثيقاً بعلم الفقه حيث إنه بمنزلة تطبيق للفروض المقدرة في القرآن الكريم وسنة الرسول الكريم محمد (صل الله عليه وسلم). وسمي بعلم الفرائض لأنها أي الفرائض جمع فريضة مأخوذة من الفرض بمعنى الجزء، ونقول: فرضت الخشبة إذا حززتها، كذلك سمي بعلم الفرائض من الفرض والتقدير، كقوله تعالى: (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ).(سورة البقرة، 237).

        ومن الكتب التي تناولت حساب الفرائض:

1.    المجموع في علم الفرائض، لأبي عبدالله الكلائي (المتوفي سنة 777 ه/ 1375م).

2.    ملجأ الاضطراب في الفرائض، لابن الهائم المقدسي (المتوفي سنة 815 ه).

7. علم حساب النجوم:

وهو من فروع علم الحساب التي اهتم بها العرب لما له من علاقة وأثر في علم الفلك إذ عن طريقه يتعرف على قوانين الحسابات الفلكية مثل حساب الدرج والدقائق والثواني والثوالث بالضرب والقسمة والتجذير والتفريق ومراتبها في الصعود والنزول. (المنشداوي، ص204).

فقد استعمل علماء الفلك والمنجمون مجموعة من الطرائق الحسابية في حساب الأشهر    والسنين ودوران الأفلاك ومعرفة الأبراج وحركات الكواكب وكانوا يعتمدون على النظام الستيني، مع معرفة بالأعداد والكسور والعمليات الأربع الحسابية وغيرها لتسهيل أعمالهم الفلكية وبصورة خاصة ترتيب الجداول الخاصة بهم. (المنشداوي، ص205)

وقد تركوا لنا مجموعة من المؤلفات منها:

1.    كشف المجدي القاهري الحقائق في حساب الدرجة والدقائق، لابن المجدي القاهري المتوفي سنة 850 ه/ 1446م.

2.    دقائق الحقائق في حساب الدرج والدقائق، لبسط المارديني (المتوفي سنة 907ه/ 1501م.

 

 

 

8. علم خواص الأعداد المتحابة:

اهتم العرب بالأعداد المتحابة وقد عرٌفوا العددين المتحابين على أن مجموع عوامل الأول تساوي العدد الثاني ومجموع عوامل العدد الثاني تساوي العدد الأول. إن أول عالم عربي درس الأعداد المتحابة هو ثابت بن قرة، وقد كان يعرف تماماً العددين المتحابين 220، 284.

وأعطى ثابت بن قرة طريقة لايجاد عددين متحابين، كما أكتشف العددين المتحابين 18416، 17296 على وفق القاعدة التالية:

عندما n ≥ 2، إذا كان p، q، r أعداد أولية، n عدد صحيح وكان:

 

P=3.2¹ -1

q=3.2ⁿ -1

r=9.2²ⁿ¹ -1

فإن  M=2ⁿ p q  و  N=2ⁿ r هي أعداد متحابة. (شوقي،  )

        درس العديد من العلماء العرب بعد ثابت بن قرة، الأعداد المتحابة، والتامة، والزائدة والناقصة. أما إبن البناء المراكشي (1256-1321 ميلادية) فقد أعطى قاعدة لحساب الأعداد المتحابة:

إذا كان (2 -1)  عدد أولي فإن (2¹ (2ⁿ -1)) عدد تام.

وكذلك أشار بهاء الدين العاملي إلى هذه المشكلة أو القادة في كتابه ملخص الحساب. (شوقي، 1981).

العمليات الحسابية:

        تعد العمليات الحسابية الأربع من الجوانب الرياضية المهمة التي يظهر بها الأثر العربي واضحاً، فقد عملوا على تطوير الطرق والأساليب المتبعة في حلها. إضافة إلى أنهم عملوا على تسهيل حل المسائل الرياضية بالعمليات الأربع.

        وقد جاء اهتمام العرب بالعمليات الحسابية الأربع لما لها من أثر مهم بأمور الحياة اليومية العامة، فضلاً عن أثرها في تطوير بقية العلوم.

         وقد تناول علماء العرب العمليات الحسابية الأربع بالشرح وذلك سواء بتعيين فصول لها ضمن مؤلفاتهم الرياضية أو بتخصيص مؤلفات كاملة لإحدى هذه العمليات أو الجمع في مؤلف بين عمليتين أو أكثر، , منها(المنشداوي، 220):

        كتاب (الجمع والتفريق) الذي ألف فيه جلة من العلماء منهم: الخوارزمي، وسنان بن الفتح الحراني، وشجاع بن أسلم، وسند بن علي، وأبو حنيفة الدنيوري، وأحمد بن محمد الحاسب. إضافة إلى مجموعة من الكتب التي تناولت شرح عملية الجمع والتفريق ومنها كتاب (شرح الجمع والتفريق) لسنان بن الفتح الحراني، كذلك لعبدالله بن الحسين الصيدناني أيضاً كتاب يحمل نفس الكتاب السابق إضافة إلى مؤلفات أخرى تناولت عملية الضرب والقسمة، ومنها كتاب (قسمة المقدارين) للحسن بن الهيثم، وكتاب (صنوف الضرب والقسمة) لعبدالله بن الحسين الحاسب.(المنشداوي، 221).

        لقد بحث العرب جوانب العمليات الأربع وما يتبعها من عمليات أخرى كالتضعيف والتنصيف وتركوا إسهامات رياضية متميزة منها:

التضعيف:

        التضعيف هو أحد العمليات الحسابية التي يقوم أساسها على زيادة عدد على عدد يساويه ويكون ذلك بضرب العدد المطلوب تضعيفه في اثنين. ويعد التضعيف من أول العمليات التي كان يبتدئ بها علماء الحساب العرب لكونه من المسائل المهمة التي تساعد المبتدئين في دراس   ة الرياضيات على توسع حسهم وإدراكهم الرياضي لأنهم سيكونون على علم ودراية بمراتب الأعداد وما يرتفع من العشرات وكيفية كتابة صورها ووضعها في المكان المناسب لها. وقد وضع العلماء العرب مجموعة من الطرائق لإجراء عملية التضعيف سواء في الأعداد الصحيحة أو الكسرية أم تضعيف الجذور. (المنشداوي، 222).

 

التنصيف:

        التنصيف من العمليات التي تقوم على تحصيل نصف العدد المطلوب تنصيفه بضربه في نصف. وعند مقارنة التنصيف بالتضعيف يتضح بأن أحدهما عكس الآخر، وشأنه شأن التضعيف الذي أعتبر من العمليات الضرورية التي لا بد لمتعلم الحساب أن يبتدئ به لأثره المهم في تقوية ملكته الفكرية وجعله مستعداً لاستيعاب العمليات الحسابية الأخرى.

الجمع:

        أطلق العرب على عملية الجمع عدة تسميات ، مثل الضم والزيادة وفرق بعضهم الزيادة والجمع، فمثلاً أبا الحسن الإقليدسي كان يرى بأن الزيادة مختصة بزيادة عدد على عدد آخر، أما الجمع فإنه يكون بإضافة عدة أعداد بعضها إلى بعض. (الإقليدسي، الفصول في الحساب الهندي، ص ص 60، 317).

        بينما نرى عند عبد القاهر البغدادي بأن اصطلاح الجمع هو شامل سواء بجمع عددين أو أكثر. أما ابن خلدون فاعتبر الجمع عبارة عن ضم الأعداد وبصورة عامة عرف الجمع بأنه ضم عدد إلى عدد ليعبر عنه بجملة واحدة.

فقد أوضح أبو الحسن الإقليدسي كيفية إجراء عملية الجمع في حالة كونها من عددين فقط وكان يسميها الزيادة وذلك بوضع العدد الأصغر تحت الأكبر وعلى حسب ترتيب مراتبها الآحاد تحت الآحاد والعشرات تحت العشرات، ثم تبدأ عملية الزيادة من المرتبة الكبيرة ومن الرقم الأسفل إلى الأعلى وإذا كان مجموع العددين من مرتبتين زيد رقم المرتبة الثانية على الذي يساره.

مثال:

زيادة 4546 على 3458

وهذا يعني إضافة عدد إلى آخر. وذلك: (فقد رسمنا كل مرتبة تحت نظيرتها، ثم نبدأ فنزيد الثلاثة على الأربعة والأربعة على الخمسة والخمسة على الأربعة والثمانية على الستة، وكلما ارتفع من منزلة عشرة رسمناه واحداً فيما بعد). (الإقليدسي، كما ورد في المنشداوي، ص223).

كذلك بين إجراء عملية الزيادة في حالة عدم تساوي مراتب العددين المزيدين وذلك في المثال الآتي: زيادة 19857 على 3426 حيث ذكر خطوات الحل:

برسم العددين:

19857

3426

ثم إجراء عملية الزيادة: بزيادة 3 على 9 تساوي 12 فثبت 2 مكان 9، وتزيد العشرة على الواحد فيصبح 2 ثم تزيد 4 على 8، 2 على 5، 6 على 7 فيكون ذلك 23282.

ومن الأمور المهمة التي أكدها علماء الرياضيات العرب عند إجراء عملية الجمع هي في حالة جمع منزلتين يكون ناتجهما عشرة عند ذلك نجعل في مكان المنزلة أو أسفلها صفرا ونزيد واحداً على المنزلة التي تليها، وهذا ما يتبع الآن عند إجراء عملية الجمع في العمليات الحسابية.

وقد اتبع العرب أسلوباً ناجحاً في معالجة مسألة المحفوظات من جمع الأعداد في حالة زيادتها على الآحاد وذلك بوضعها في يطر خاص لها وذلك يونون قد شاركوا مشاركة فعالة في تسهيل عملية الجمع حيث إن ذلك الأسلوب وفر فرصة درج تلك الأرقام المحفوظة وجمعها وعدم إغفالها، إلا أن عدم اتباع الطريقة العربية هذه في وقتنا الحالي تحول دون سرعة فهم عملية الجمع للطلاب المبتدئين في دراسة علم الحساب.

الطرح:

        استعمل العرب عدة مرادفات لاصطلاح الطرح منها النقصان والتفريق والإسقاط وغيرها، إذ كانوا يعبرون عن عملية الطرح بأنها: إسقاط عدد من عدد آخر وطلب الباقي، أو معرفة فضل ما بين عددين أحدهما أقل والآخر أكثر. (المشداوي، ص 232، عن الإقليدسي وابن البناء المراكشي).

        وقد ذكر العلماء العرب الأسس والطرائق المتنوعة للإجراء عملية الطرح والتي تشابه ما هو متعارف عليه من عمليات الطرح في الحساب حالياً. ومن هذه الأسس أن يكون وضع العددين المراد لإنقاص أحدهما من الآخر في سطرين، العدد المنقوص تحت العدد المنقوص منه على أن تكون الآحاد تحت الآحاد والعشرات تحت العشرات.

        ومن هذه الطرق التي قدمها العرب لعملية الطرح ما يلي:

الأولى:

4467050

______

9038650

4571600

الثانية:

المنقوص      7036

المنقوص منه  985792

الباقي         978756

الثالثة:

9073506 منقوص منه

2900958 منقوص

6172548 الباقي من المنقوص منه

وقد قسم العرب عملية الطرح على قسمين:

1. في حالة كون المطروح أقل من المطروح منه.

وقد أوضحا العالم القلصادي، بقوله (أن تضع المطروح منه في سطر وتحته المطروح وتمر أعلاهما خط ثم تطرح كل منزلة من نظيرتها وتضع الباقي على رأس الخط وما كان من الباقي فهو المطلوب).

وقد أوضح ذلك بالمثال الآتي: (اطرح  653من 978 فأنزل:

325

_____

978

653

ثم اطرح 3 من 8 يبقى 5 ضعها على الخط، ثم اطرح 5 من 7 يبقى لك 2 فضعها على رأس الخط، واطرح 6 من 9 يبقى لك 3 ضعها على رأس الخط، فيكون الباقي 325. (القلصادي، كما ورد في المنشداوي، ص233).

2. في حالة كون بعض منازل المطروح منه أقل مما في المطروح:

        وتقوم هذه الطريقة على فكرة الاستلاف من الرتبة الأخرى التالية لها عندما تكون المرتبة العليا أقل من المرتبة السفلى.

وقد أوضحها السخاوي بقوله (زد على ما في العليا عشرة واطرح من المجتمعين وضع الباقي على الخط، أو كانت ما في العليا صفراً فاجعله عشرة واطرح منها ما في السطر الأسفل وضع الباقي على الخط وانزل بالعشرة بصورة الواحد تحت الثانية واجمعه مع المطروح واطرح المجتمع من المطروح منه وضع الباقي على رأسه وهكذا فما كان فهو المطلوب).

ومثال ذلك:

اطرح 465 من 604

 

 

(فانزل هكذا:

139

____

604

465

ثم اطرح 5 من 14 يبقى  9ضعها على الخط وانزل بالعشرة تحت الثانية واجمعه إلى 6 يكن 7 اطرحها من 10 يبقى 3 ضعها على الخط وانزل 10 تحت الثالثة واجمعه مع المطروح وهو 4 يكن 5 اطرحها من 6 يبقى 1 ضعه على رأسها يكن الباقي 139).

الضرب:

كان للعرب دور متميز في إعطاء المفهوم لعملية الضرب وذلك من خلال الطرائق التي أوجدوها والتي ساعدت على تسهيل هذه العملية وسهولة حفظها والاستفادة منها في المسائل الرياضية الأخرى لكونها تعد إحدى العمليات الحسابية الأساسية التي أبدع بها العلماء العرب. (المنشداوي، ص 234).

كما يعد العرب أول من ابتكر جدول الضرب الذي كان له الدور المهم في تبسيط عملية الضرب فقد عمل على تسهيلها وزيادة انتشارها لأن تلك العملية التي كانت تعد من العمليات الصعبة وبفضل ذلك الجدول أصبح بالإمكان إجراؤها حتى من قبل المبتدئين بدراسة علم الحساب(المصدر السابق).

أما بالنسبة لذكر جدول الضرب فقد ذكره ابن سينا في كتاب الشفاء وذلك عند حديثه عن إضافة عدد حيث أشار له بصورة مختصرة.

وأما أول تنظيم لجدول الضرب فيظهر عند العلم العربي عبد القاهر البغدادي فقد أعد جدولاً منسقاً ثم أوضح طريقة استعماله، وأننا الآن ضمن مناهجنا الرياضية نستعمل ذلك الجدول نفسه وبصورة مشابهة لما ذكره عبد القاهر البغدادي سواء من حيث رسمه وتدوين الأعداد في داخله أم بطريقة استعماله. (المنشداوي، ص 236).

طرق إجراء عملية الضرب:

        وضع العرب بصورة عامة مجموعة من الطرائق المختلفة لإجراء عملية الضرب منها:

1. بإضافة آحاد أحد العددين المضروبين إلى الآخر:

وتكون هذه الطريقة بإضافة آحاد أحد المضروبين إلى العدد الثاني ثم نأخذ للحاصل مثل العقد الذي مع الآحاد وبعد ذلك نزيد عليه مضروب الآحاد بعضها في بعض. (البوزجاني: المنازل السبع، ص196. ابن الهائم: المعونة في علم الحساب الهوائي، ص86. كما ورد في المشهداني، ص139).

مثال ذلك: 13 x 18

خطوات الحل:

3+18=21،

21+10=210

3 x 8= 24

210 +  24 = 234.

وذلك يعني أن:

13 x 18= (3 + 10)(8 + 10)= 3 x 8 + 3 x 10 + 8 x 10 + 10 x 10= 24 + 10(3 + 8 + 10)=24 + 10 x 21 = 24 + 210 = 234.

2. الضرب بالتربيع:

وتعتمد هذه الطريقة على أخذ نصف مجموع المضروبين وتربيعه ثم إنقاص من الخارج مربع نصف الفضل بينهما فما بقي فهو حاصل الضرب. (المصدر السابق).

مثال ذلك:

357 x 636

خطوات الحل:

357 + 636 = 993،

993 ÷ 2 =496/5 ،

496/5 x 496/5 = 46512/25.

636 357 = 279،

279 ÷ 2 = 139/5،

139/5 x 139/5 = 19460/25،

246512/25 -19460/25 = 227052.

ومن ذلك نلاحظ أن: 357 x 636 =

((357 + 636 (/2)² - ((636-357)/2)² = (993/2)² -(279/2

=(986049/4)-(77841/4) = (908208/4) = 227052.

وأن تلك متأتية من من العلاقة الآتية:

X Y = ((X + Y)/2)² - ((X – Y)/2)²

3. الضرب بالأسس:

وهو أن تضع المضروبين في سطرين متوازيين الآحاد تحت الآحاد والعشرات تحت العشرات وهكذا، ثم تضرب منزلة من أحدهما بعد منزلة في جميع الآخر وعند الانتهاء من ضرب كل منزلة تضع نقطة على أعلاها، علامة على انتهاء العمل بها وتضع الخارج حيث تقتضيه مرتبة الأسس وهو أن تجمع أس (مرتبة)، المضروب إلى اس المضروب فيه وتسقط منه واحداً وتضع الخارج هناك. (المنشداوي، ص241).

مثال ذلك: 432 x 321.

خطوات الحل:

3  2  1

0  0  0

4  3  2

6  4  2

9  6  3   

1  2  8  4       

________________

1  3  8  6  7  2

إن هذه الطريقة مشابهة لطريقة الضرب المستخدمة حالياً في العمليات الحسابية.

4. الضرب بالشبكة

وتعد هذه الطريقة من الطرائق الرياضية المهمة التي توصل إليها العلماء العرب والتي عن طريقها توصلوا إلى طريقة الضرب الحالية للأعداد والتي تقوم على فكرتها على ما يلي:

نرسم شكل يتكون من أربعة أضلاع على هيئة مستطيل أو مربع بحسب مراتب العددين المضروبين، ويقسم إلى مربعات متساوية بحيث يكون عدد المربعات في الاتجاه الأفقي مساوياً لعدد أرقام أحد المضروبين وعدد المربعات في الاتجاه العمودي مساوياً  لعدد أرقام المضروب الآخر.

نوصل أقطار هذه المربعات وبعد ذلك نضع أحد العددين المضروبين فوق ذلك الشكل على أن يقع كل رقم أمام مربع بحيث يكون رقم الآحاد أمام المربع الأول ويليه رقم العشرات أمام المربع الثاني وهكذا.

وتكون أرقام المضروب الآخر عن يساره كل مرتبة أمام مربع مبتدئين برقم الآحاد عند أسفل مربع ثم رقم العشرات في المربع الذي يعلوه وهكذا، وبعد ذلك نبدأ عملية الضرب على أن تكون بضرب كل واحد من مفردات المضروب في كل واحد من مفردات المضروب فيه ونضع حاصل الضرب في المربع المحاذي لكل واحد من المضروبين على أن تكون الآحاد في المثلث الأسفل والعشرات في المثلث الأعلى، وبعد انتهاء عملية الضرب نجمع الأرقام الموجودة ما بين الخطين اللذين يقسمان كل مربع من ذلك الشكل أي أن يكون الجمع بصورة قطرية، وإن لم يكن في أحد تلك السطور عدد وضعنا مكانه صفراً.

مثال على ذلك: 7806 x 175= 1366050

               

 

6

0

8

7

 

1

  

6

 

0

 

8

7

     1

 7

        4

2

 

0

          5

6

          4

9

    3

5

        3

0

  

0

          4

0

           3

5

    6

                         0          5            0           6

 

 

 

 

القسمة:

أهتم العرب بالقسمة كإحدى العمليات الحسابية وذلك لما لها من أهمية في حياتهم العملية اليومية سواء كانت في تقسيم الأعمال أم الأرزاق أم التركات أو غيرها. ولهذا حاولوا تبسيط هذه العملية والعمل على إعطائها المفهوم العلمي في حين قوبلت بالإهمال من لدن العلماء السابقين لهم إذ كانوا يعتبرونها من العمليات الصعبة المعقدة ولم يعرفوا عنها إلا كونها إحدى العمليات الرياضية التي تناقض عملية الضرب وهذا ما أكده العالم البوزجاني بقوله ((إن القسمة لم يذكرها أحد من المتقدمين وأكثر ما قالوا فيها إنها عكس الضرب)). (المنشداوي ص252، البوزجاني: المنازل السبع، ص126).

وقد أشار بعض المؤرخين وعلماء الغرب بدور العرب بتسهيل عملية القسمة وجاءت هذه الغشارة على لسان هوجين إذ قال: (كان الإغريق يجدون المسائل المتضمنة القسمة أصعب بكثير من تلك التي تتضمن الضرب ولم تكن لديهم وسيلة لإجراء عمليات القسمة بأي درجة من الدقة). (المنشداوي ص 252، هوجين، الرياضة للمليون).

لقد ترك العرب أثراً مهماً في تطور هذه العملية وقد جاءت النظرية العربية لعملية القسمة لكونها تقوم على تجزئة أحد العددين المراد قسمة أحدهما على الآخر إلى أجزاء لعدد ما في الآخر من آحاد، أي أننا عن طريقها نقف على معرفة ما في المقسوم من أمثال المقسوم عليه، وأن نسبة الواحد إلى المقسوم تكون كنسبة الخارج من القسمة إلى المقسوم. وقد فرق العلماء العرب بين قسمة الكثير على القليل حيث كانوا يطلقون عليها تسمية القسمة، وأما قسمة القليل على الكثير فسماها البعض تسمية وبعضهم نسبة، وذكروا الطرائق المختلفة لإجرائها. (المنشداوي، ص 253).

طرق إجراء عملية القسمة:

لقد وضع العرب مجموعة من الطرائق المختلفة لإجراء عملية القسمة والتي دلت على أصالة الفكر الرياضي العربي ومن هذه الطرائق:

 

1. القسمة على الآحاد:

إذا كان المقسوم عليه من منزلة واحدة، فقد ذكروا لتلك الحالة عدة طرائق منها: (أن ينظر إن كان كل واحد من المراتب عدد عقوده أكثر من الآحاد قسم كل واحد من المراتب على الآحاد على حسب ما تقدم ذكره من قسمة المراتب، ثم جمع ذلك كله، فما حصل فهو ما يكون من قسمة تلك الأعداد على الآحاد وإن كان عدد عقوده أقل من الآحاد (بسط العليا من جنس ما يليها من المراتب ثم يقسمها).

مثال:

19887 ÷ 4 يكون:

9000 ÷ 4= 2250

800 ÷ 4= 200

80 ÷ 4= 20.

  

ثم نجمع ذلك

2250 + 200 + 20 + 1 +  +  =

وهو مطابق للناتج باستعمال الطريقة الحالية.

2. القسمة على عددين من مرتبتين:

وتتكون بتحليل المقسوم عليه إلى عوامله ثم القسمة عليها كما هو موضح في المثال الآتي:

اقسم 2640 على 24.

وذلك: انزلها هكذا:

 

2640

233

1880

888

إن الأربعة والعشرين مركبة من 3، 8 فضعها في سطر هكذا 38 مقدما 8 على 3 بعدها، واقسم على 3 ثم على 8 يخرج 110 وهو الجواب وذلك:

2640

233

 


880

888

110

3. القسمة على المراتب الكثيرة:

وقد تضمنت المؤلفات العربية في علم الحساب عدة طرائق، سنحاول أن نعطب بعضاً منها:

أ-طريقة الكرخي:

والتي يمكن توضيحا بالمثال الآتي الذي ذكره الكرخي وهو: قسمة 20325 على 135.

تكون خطوات الحل عند الكرخي كما أوضحها سعيدان: سأل الكرخي عن أكبر عدد من المئات يضرب x 135 ليساوي أقرب عدد إلى المقسوم، فوجده 100،

135 x 100 = 13500.

20325 13500 = 6825.

ثم سأل: عن أكبر عدد من العشرات إذا ضرب x 135 يعطي أكبر عدد إلى هذه فوجده 50، 50 x 135 = 6750، 6825 6750 = 75، فقد استنتج أن خارج القسمة يساوي (100 + 50 = 150) والباقي (75).

ب_طريقة العاملي:

وهي من الطرائق المشابهة للطريقة الحالية أو ما تسمى بطريقة الشبكة. ومثال ذلك: لقسمة العدد 423550 على 25 نتبع الطريقة التالية:

نقسم الورقة إلى أعمدة بحيث يكون عدد الأعمدة مساوياً إلى عدد الأرقام المكونة للعدد الذي نريد أن نقسمه ثم نكتب العدد الذي نريد قسمته في أعلى الشبكة ونكتب المقسوم عليه في أسفل الشبكة بحيث يكون الرقم الأول لكل عدد يقع في الجهة اليسرى من الورقة كما موضح في الشكل أدناه. ونبدأ بقسمة 42 على 25  والنتيجة 1 وتكتب تحت الرقم 5 للمقسوم عليه. إن عملية الضرب هنا تأخذ خطوتين. النتيجة بعد القسمة والضرب تصبح 173550 كما موضح في الجدول. بعد ذلك نقسم 17 على 25 واذا كانت العملية غير ممكنة لأن 17 أصغر من  25 فإننا نقسم 17 على 2 للحصول على 6، نضع 6 إلى يمين العدد 1 ومن ثم نضرب 2x6 وكذلك 5x6 بواسطة خطوتين وبعد عمليتي الضرب والطرح نحصل على 23550. ثم نقسم 23 على 25 والتي هي غير ممكنة فنذهب إلى قسمة 23 على 2 لنحصل على 11 وبما أن هذا الرقم كبير نأخذ العدد 9 ونضربه في 2 ثم بخمسة للحصول على النتيجة 1050. ثم نقسم 10 على 25 وبما أنه غير ممكن فنقسم 10 على 2 ونأخذ 4 بدلاً من 5 كنتيجة لعملية القسمة وتأخذ خطوتين 4x2 وثم 4x5 لتعطينا 50. نقسم 5 على 2 ونستمر بعملية الضرب والتي تأخذ خطوتين للوصول للنتيجة وهي 16942.

 

 

 

 

0

5

5

3

2

4

2

0

5

5

3

2

2

0

5

5

3

7

2

1

1

0

5

5

3

0

5

3

 

0

5

5

3

8

2

1

 

0

5

5

5

5

4

 

 

0

5

0

8

1

 

 

0

5

0

2

2

 

 

 

0

5

4

 

 

 

 

0

1

1

 

 

 

 

0

0

 

 

 

 

5

2

5

 

 

2

5

 

 

 

2

5

 

 

 

2

5

 

 

 

 

2

 

 

 

الكسور:

اهتم العرب بدراسة الكسور وذلك لحاجتهم إليها في أمور الحياة اليومية، لذلك أسفر اهتمامهم بها عن إنجازات رياضية مهمة أدت إلى تطور ملحوظ في مختلف الجوانب الرياضية الأخرى بصورة خاصة وبقية العلوم بصورة عامة لما للكسر من أثر مهم في  ضبط نتائج الكثير من العمليات الدقيقة التي تجري في تلك العلوم، وأعطى العرب للكسر مفهومه العلمي سواء من حيث تعريفه وأقسامه أم من حيث العمليات الرياضية عليه.

لم يقتصر بحث العرب في الكسور الاعتيادية فقط وإنما بحثوا في نوع جديد منها هو الكسور العشرية التي جاءت كنتيجة لما طرأ على الرياضيات من تطور كبير وبصورة خاصة في مجال نظرية الأعداد. وقد أكدت المخطوطات والمقالات التي ورثناها عنهم، غذ كانت تستعمل الكسور لحل المعادلات كما وجدت في كتاب الجبر والمقابلة للخوارزمي، كما تعامل ابو الوفا البوزجاني مع الكسور في كتابه (ما يحتاجه العمال والكتاب في علم احساب)، فقد قدم أنواع مختلفة من الكسور : الرؤوس المتآلفة، والمتلاصقة، والصماء. كما شرح العمليات الأربعة عليها (سعيدان، الحساب العلمي العربي ص71).

كما وجدت الكسور والعمليات الأربعة عليها في كتاب الكافي في الحساب للعالم العربي النسوي (القرن العاشر الميلادي) الذي خصص فصلاً كاملاً للكسور (محفوض، النسوي الرياضي، الرياضيات عند العرب، بغداد 1989). كما وجد شرح للكسور في كتاب الإقليدسي (كتاب الفصول في الحساب الهندي)، كذلك فعل الكاشي (توفي عام 1436م) في كتابه مفتاح الحساب. (سعيدان، The Earliest Extend Arabic Arithmetic, Isis, 57(1966), 475-490).

الكسور الاعتيادية:

        لقد أعطى العرب عدة تعريفات لاصطلاح الكسور، منها: (أنه بعض أجزاء من أجزاء حقيقية أو حكماً) مثل نصف أربعة فإن النصف سيكون في هذه الحالة اسماً لأثنين.

        أو أن الكسر هو: (اسم للنسبة بين عددين بالجزيئة)، مثل نصف ستة فالنصف يكون اسماً لنسبة الأثنين من الستة، ومن التعاريف الأخرى الدقيقة للكسر هو: (كمية تنسب إلى جملة تفرض واحداً والمنسوبة إليها تسمى مخرجاً).

الكسور العشرية

تعد مسألة ابتكار الكسور العشرية من الجوانب المهمة في تاريخ الرياضيات وذلك لأهميتها في الفكر الرياضي من جهة، إضافة إلى أن نسبة ابتكارها إلى الغرب بحاجة إلى تصحيح حيث إن مخطوطاتنا الرياضية العربية أثبتت بالدليل القاطع على كون العرب هم من أول من بحث فيها وأنهم سبقوا سيمون ستيفن الذي نسب له ابتكار الكسور العشرية بعدة قرون، وذلك سيظهر جليا من خلال أعمال غياث الدين الكاشي والإقليدسي اللذان أثبتا الأصالة العربية لابتكار الكسور العشرية  وتركا أثراً مهماً في تطوير الرياضيات لكون الكسور العشرية تشكل جزءاً حيوياً واساسياً من العلوم الرياضية. (المنشداوي، ص282).

الإقليدسي والكسور العشرية:

        يعد الإقليدسي أول رياضي فكر في ابتكار الكسور العشرية واستخدام الفاصلة إضافة إلى إجراء العمليات الحسابية بطريقة مشابههة لما هو متعارف عليه الآن، وسجل بذلك سبقاً علمياً وأضاف إضافة مهمة إلى الرصيد العلمي العربي الذي عد مصدراً اساسياً من مصادر الفكر العلمي العالمي. فقد ذكر مجموعة من الأمثلة الرياضية في كتابه الموسوم: (الفصول في الحساب الهندي) الذي وضعه في دمشق (عام 341ه/ 952م)، تضمنت غشارات واضحة لاستخدام الكسور العشرية والفاصلة والعمليات الأربع عليها، لقد اشار إلى كيفية زيادة على عدد عُشره خمس مرات، فقال: (فإننا نفرض ذلك العدد على حسب ما جرت به العادة، ثم نعيده تحته بحطيطة منزلية، فنعلم بذلك عُشره ونزيده عليه، فنكون قد زدنا عليه عُشره مرة واحدة). (الإقليدسي: الفصول في الحساب الهندي، ص 150 كما ورد في المنشداوي، ص 282).

        ثم أورد مثالاً يوضح ذلك وقد تضمن ذلك المثال فكرة استخدام الكسور العشرية والفاصلة إضافة إلى كيفية إجراء العمليات الحسابية، وهو: (إذا أردنا أن نزيد على 135 عشرها خمس مرات: فأعدناه تحته بحطيطة منزلة وعلٌمنا على منزلة الآحاد، فصار ذلك كذلك:

135

13’5 فزدناه عليه فصار 148’5. ثم نزيد عليه عُشره ثانية وذلك بأن نعرف عُشره فيكون ذلك 148’5 فنزيده عليه فيصير 163 35 وهو:

14 85  

مائة وثلاثة وستون، وخمسة وثلاثون من مائة، وهو ربع وعُشر فنزيد 163’35 عليه عُشره، وهو أن نعرف عُشره أولاً ثم نزيده عليه فيكون 16 335 وإذا زدنا عليه صار 179’685 ويكون ما قبل منزلة الآحاد وهو 685 منسوباً من ألف لأن منزلة الآحاد رابعة له. وإذا زدنا عليه عُشره مرة رابعة صار كذلك 197’6535 وإذا زدنا عُشره صار كذلك 2174’1885 وننسب ما قبل منزلة الآحاد وهو 41885 من مائة ألف، فنكون قد زدناه على 135 مثل عُشره خمس مرات). (المصدر السابق).

أي أن الإقليدسي أجرى تلك العمليات على وفق الصيغة الآتية:

135  

13/5

148/5 

14/85

163/35  

16/335

179/685 

17/9685

197/9535

17/9685

 

197/6535

19/76535

 


217/41885

إن ذلك النص الذي ذكره الإقليدسي وغيره من النصوص الرياضية الأخرى قد أضاف وصحح الكثير من الجوانب المتعلقة بتاريخ الرياضيات فقد أثبت سبق العرب في التوصل إلى فكرة الكسور العشرية، كما أنه صحح بعض الجوانب المتعلقة بتاريخ الرياضيات العربية بصورة خاصة حيث كان ينسب ابتكار الكسور العشرية إلى غياث الدين الكاشي، بينما في الحقيقة أتضح لنا أن الإقليدسي توصل إليها قبل الكاشي بأكثر من أربعة قرون ونصف، ولكن ذلك لا ينكر دور الأخير الذي طور فكرة استخدام الكسور العشرية. (المنشداوي، ص284).

ثانياً: مساهمة الكاشي في الكسور العشرية:

يعد بعض العلماء والمؤرخين والرياضيين أن غياث الدين الكاشي هو أول من أكتشف الكسور العشرية والذي توفي عام 1436م. فقد تضمن كتابه الموسوم (الرسالة المحيطية) تحديد قيمة تقريبية للنسبة 2  وهي نسبة نسبة محيط الدائرة إلى قطرها حيث أعطى قيمة صحيحة لستة عشر رقماً عشرياً وهي: 2 =3/1415926535898732 ، وكانت هذه النسبة التقريبية على درجة عالية من الدقة لم يسبقه إليها أحد. (Dictionary of Science Biography, vol. VII, P 255-262).

وقد ذكر الكاشي بصراحه في كتابه (مفتاح الحساب) اختراعه للكسور العشرية وتكلم بصورة مفصلة على استعمالها وطريقة تحويل الكسور العشرية إلى ستينية وبالعكس، ويرجع له الفضل بتسميتها حيث أطلق عليها أسم (الكسور الإعشاري)، فقد خصص الباب السادس من المقالة الثالثة من كتابه (مفتاح الحساب) لتحويل الأرقام الستينية إلى الهندية، وبالعكس. كما أن الكاشي بين كيفية كتابة الكسور العشرية بقولهك (ينبغي أن نكتب الأعشار في يمين الآحاد وثاني الأعشار في يمين الأعشار، وثالث الأعشار في يمين ثانيها وهكذا إلى حيث بلغ فتكون الصحاح والكسور في سطر واحد). (الكاشي: مفتاح الحساب، ص121، كما ورد في المنشداوي).

وقد شرح الكاشي العمليات الحسابية المحتومة على الكسور العشرية بطرائق دقيقة إضافة إلى ذكر طرائق لتمييز العدد الصحيح عن الكسر العشري وذلك سواء باستخدام لونين من الحبر، الأول للعدد الصحيح والثاني للكسر العشري.

مثل: 358 501 وذلك للدلالة على الكسر 358/501.

أو بالشكل الآتي:

358 صحاحاً، 501 ثالث الأعشار.

الأصالة العربية لابتكار الكسور العشرية:

يعتقد علماء الغرب بأن أول من فكر بالكسور العشرية هو العالم سيمون ستيفن، ولكن من خلال النصوص التي وردت في مؤلفات علماء الرياضيات العرب اتضح لنا بأنهم توصلوا إلى فكرة الكسور العشرية والعمليات الحسابية عليها ووضع العلامة الفاصلة وتعد تلك الأمور من العناصر الأساسية التي تقوم عليها فكرة الكسور العشرية، أما العالم سيمون ستيفن فعلى الرغم من الفترة الزمنية الفاصلة بين معرفة العرب للكسور العشرية وبين معرفته لها فنلاحظ عدم دقته في التعبير عنها حيث إنه كان يعبر عنها بشكل معقد وبصورة غير دقيقة، فمثلاً كان يكتب الكسر العشري 17,28 بهذه الصورة:

17 (0) ,(1) 8 (8).

بينما عبر عنه الإقليدسي بهذه الصورة: 17’28

وقد عبر عنه الكاشي بهذه الصورة: 17 صحاحاً، 28 ثاني الأعشار، أو: 17 28.

وأما من الناحية التاريخية فنرى بأن العرب قد سبقوا علماء الغرب بفترة زمنية طويلة، حيث إن العالم أبا الحسن الإقليدسي كان على قيد الحياة عام (341ه / 952م)، وغياث الدين الكاشي (المتوفي حوالي سنة 828 أو 840ه/ 1424 أو 1436م) بينما سيمون ستيفن (الذي عاش بين 1548-1620م) والذي كتب عن الكسور العشرية سنة 1585م أي أن الإقليدسي قد سبقه بأكثر من ستة قرون والكاشي بأكثر من قرن ونصف، وبذلك يظهر تفوق العرب العلمي وسبقهم في الابتكارات الرياضية المهمة التي كانت سبباً في تطور الكثير من العلوم الأخرى.

الجذور:

الجذر التربيعي:

عرف العلماء العرب والمسلمين كيفية ايجاد الجذر التربيعي للأعداد ودرسوها وصنفوها إلى صنفين من الجذور:

أ- الجذر المنطق:

وهو الجذر غير الأصم الذي يمكن استخراج جذره بصورة مضبوطة (بدون كسر).

ومثال ذلك:

ب- الجذر غير المنطق:

وهو يكون بخلاف الجذر المنطق فالجذر الأصم لا يمكن الوصول إلى حقيقة جذره لكن يؤخذ بالتقريب.

ومثال ذلك: :

الجذر التربيعي:

مرت كلمة الجذور مرات عديدة في كتاب الجبر والمقابلة للخوارزمي. وتشير المصادر إلى أن الخوارزمي أول من استعمل لفظة جذر رياضي، وعن العرب أخذ الغرب هذا الاصطلاح. كما وجدت الجذور الصماء في الكثير من الكتب والمراجع العربية. فمثلا أعطى الخوارزمي الصيغة التالية وهي استخدمت من قبل البابليين وعلى النحو الآتي:

 = (b+ c/2b)

لكن العلماء العرب الذين جاءوا بعد الخوارزمي لم يقتنعوا بصحة هذه العلاقة و حاولوا تطويرها فقد قدم الكرخي (المتوفي 1020م) بعض التحسينات على هذه العلاقة واخراجها بالشكل الآتي:

 = [b+ c/(1 + 2b)]

أما الإقليدسي فقد اشار إلى أن العلاقة الأولى تعطي قيمة تقريبية أعلى من القيمة الصحيحة بينما العلاقة الثانية تعطي قيمة تقريبية أقل من القيمة الصحيحة. لذلك اقترح صيغة جديدة تجمع بين العلاقتين السابقتين وكما يلي:

 = 1/2 [ (b+ c/2b) +  (b+ c/(1 + 2b)) ] = b + 1/2 [ (c/2b + c/(1+2b) ]

كما أعطى القلصادي (توفي عام 1486) صيغتين لحساب الجذور الصماء وهي:

 b+ c/2b   if c < b

 b+ (c + 1)/2(b+ 1)   if c > b

بعدها أضاف القلصادي صيغة جديدة أكثر دقة من السابقة وهي:

 (4b³ + 3bc)/(4b² + c)      (cajori 1985,p 111).

لم تكن دراسة الجذور التربيعية مقتصرة على عدد محدود من العلماء العرب والمسلمين وإنما كان هناك أعلام مهمة في هذا المجال ممن درسوا وكتبوا في الجذور التربيعية ومنهم كوشيار والكاشي.

الجذر التكعيبي:

أهتم العلماء العرب والمسلمين بحساب الجذور التكعيبية وقسموها إلى نوعين من الجذور: المنطقي والأصم. وقد خصص الإقليدسي ثلاثة فصول في كتابه (الفصول في الحساب الهندي) للجذور التكعيبية. كذلك أعطى عمر الخيام قيمة تقريبية ل   عندما n3. وبنفس الشيء عمل أبو الوفا البوزجاني، ولكن أعمال الأثنين في هذا المجال قد فقدت.

أما الكاشي فقد أهتم بشكل كبير في دراسة الجذور التكعيبية وحسب القيمة التقريبية للعدد المرفوع للقوة الخامسة معتمداً على طريقة تم اكتشافها من قبله. وقد سميت هذه الطريقة لاحقاً باللغة الانجليزية Linear Interpolation حيث تسمح له بالحصول على النتيجة الآتية:

= 536 + 21/414237740281 

وقد وصف الكاشي في كتابه مفتاح الحساب، بشيء من التفصيل طريقة عامة لاستخراج جذور الأعداد الصحيحة. ويسمى اليوم الجزء الصحيح الذي حصل عليه الكاشي Ruffini – Horner method .

إذا كان الجذر غير نسبي < a+ 1  a <  (a، r أعداد صحيحة، فأن الجزء الكسري للجذر يحسب بواسطة الصيغة التقريبية الآتية:

r/( (a = 1) + a

كما أعطى الكاشي قاعدة عامة عند رفع ذي الحدين إلى أي قوة وكذلك قاعدة جمعية لمعاملات ذي الحدين المتتابعة لذلك أنشأ ما يسمى مثلث باسكال (عندما n = 9). (Dictionary of Science Biography VII, P257).

المتسلسلات:

تزخر كتب الرياضيات بعدد هائل من الدراسات التي خصصت لدراسة المتسلسلات وأنواعها. فقد استخدم العلماء العرب عبارة النسب للدلالة على المتسلسلات في معظم الكتب العربية.

1.المتسلسلات الحسابية:

درس العرب المتسلسلات الحسابية دراسة مستفيظة، وكانت واحدة منها هي متسلسلة جمع الأعداد الطبيعية. وقد عرفت المتسلسلة 1 + 2 + 3 + …+ 8 وأُنسبت إلى فيثاغورس أو أريابهاتا. وقد أعطي مجموع المتسلسلات في معظم الكتب العربية على النحو الآتي:

(1+2+3+…+n)= n(n+1)/2

ومتسلسلة الأعداد الفردية هي:

1+3+5+…+(2n-1) = [ ((n-1)+1)/2]² = n²

أما متسلسلة الأعداد الزوجية فهي:

2+4+6+ … +2n = (2n+2)/2 – 2n/2 = n(n+1)

وإذا رجعنا إلى كتاب تلخيص أعمال الحساب لابن البناء المراكشي (1201-1321) لوجدنا تفاصيل كثيرة عن ذلك، كذلك كتاب الباهر في الجبر الذي كتبه السمؤل (توفي 1175). (شوقي والدفاع، 1985، ص157).

متسلسلة الضرب:

حدد العالم العربي الكرخي (المتوفي عام 1061) بنجاح متسلسلة مكونة من عدد مربع متبوع بحاصل ضرب الأعداد المشابهة له في المكان وحداً مضروباً بالآخر. وقد توصل إلى حساب جمع حدود المتسلسلة إلى n من الحدود وكما يلي:

[n² + (n-1) (n+1) + (n-2) (n+2) + … + {n-(n-1)} {n + (n-1)}]=n³ - [1+2² + 3² + … + (n-1)²]

وقد وجدت هذه  المتسلسلة ايضاً في أعمال ابن الهيثم (1352-1412).

متسلسلة قوى من الدرجة الثانية:

مجموع مربعات الأعداد في نظام الأعداد الطبيعية كان معروفاً عند فيثاغورس وكذلك أريابهاتا. وجد فيثاغورس مجموع المتسلسلة الآتي:

(1+2² + 3² + … + n²) = (n + n²) (n/3 + 1/6)

أما الكرخي فقد أُعتبر إنه أول عربي أعطى برهاناً لمجموع  هذه المتسلسلة وعلى وفق الصيغة الآتية:

(1+2² + 3² + … + n²) = n. (n+1)/2. (2n+1)/3

كما أعطى الكرخي برهاناً لمجموع مربعات الأعداد مساوياً لمجموع متسلسلة الضرب وكما يأتي:

 

+{n-(n-1)}{n+(n+(n-1)}]

أما السمؤل(توفي عام 1175)، فقد وضع مجموع المتسلسلة في أوجه مختلفة وقد برهن المجموع على أسس بسيطة:

n² = n [ (n-1) + 1] = n (n-1) + n

(n-1)² = (n-1) (n-2) + (n-1)

 =

كذلك أشار ابن البناء المراكشي (1251-1321) في كتابه (تلخيص أعمال الحساب) إلى المتسلسلات الآتية:

[1+ 3² + 5² + (2n-1)²] = (2n-1)/6 . 2n . (2n+1)

[ 2² + 4² + 6² + … + (2n)² = [  (2n)+  ]. (2+4+6+ … + 2n)

                                   =  (2n+1) (2n+2)

ولنفس المتسلسلتين السابقتين أشار ابن الهيثم المقدسي (1352-1412) في شرحه وتعليقه على كتاب الأرجوزة الياسمينية في الجبر لابن الياسمين (توفي 1205).

متسلسلة القوى من الدرجة الثالثة:

كان فيثاغورس أول رياضي يشير إلى مجموع مكعبات الأعداد في نظام الأعداد الطبيعية وكما يلي:

(1+2³ + 3³ + … + n³) = (1+2+3+ …+n)² = [

كذلك قدم السمؤل برهاناً للمتسلسلة الآتية:

(1+2+3+…+n)² =

               = [ 1+2+3+…+(n-1)]² + { n² + 2n[ 1+2+3+…+

               = [ 1+ 2 + 3+ …+ (n-1)]² + n³

 

(1+2³ +3³ +…+ n³) = [ 1+2+3+…+ (n-2)]² + (n-1)³ + n³

                         =(1+2³ +3³ +…+ (n-1)³ -n³)

إذن:

(1+2³ +3³ +…+ n³) = (1+2+3+…+ n)² = [

وقد أشار ابن البناء المراكشي في كتابه تلخيص أعمال الحساب إلى حالتين خاصتين من المتسلسلات وهي:

1: 1 + 3³ + 5³ + … + (2n-1)³ = 2 [ 1+ 3+ 5+ …+ (2n-1)] -1

                                      = (2n² -1)

2: 2³ +4³ +6³+ … + (2n)³ = 2 [ 2 + 4 + 6 + … + 2n]

                                 = 2n(n + 1)

متسلسلة قوى من الدرجة الرابعة:

إن مهارة حساب مجموع الأعداد الطبيعية مرفوعة للقوة الرابعة يرجع تاريخها إلى الحسن ابن الهيثم (965-1038)، كما أشار سوترBibliotheca Mathematica, 3.S., Vol. 12(1911-12)).

كذلك قدم ابن الهائم المقدسي المتسلسلات الآتية:

(1+2³ +3³ + … +n³) = [ ] . (1+2² +3² +…+ n²).

وبتعويض عن الطرف الأيسر بواسطة مجموع متسلسلة القوى من الدرجة الأولى وكذلك من الدرجة الثانية نحصل على الصورة الآتية:

(1+2³ +3³ +…+n³) =  [  ].  . 

                        = (n+1)(2n+1)(3n³ + 3n -1)

المتسلسلات الهندسية:

من المعروف أن المتسلسلات الهندسية يمكن وضعها بشكل عام كما يلي:

A + ak + ak² + ak³+ …+ akⁿ¯¹

وتشير المصادر إلى أن ابو الريحان البيروني ( 973-1051) كان أول من توصل إلى المجموع الصحيح للمتسلسلة الهندسية للأساس 2، كما أشار إلى المتسلسلة الآتية:

(1+2+2²+2³+ …+ 2ⁿ¯¹) = (2 -1)

لقد أهتم العلماء العرب والمسلمين بهذه المتسلسلة من أجل حساب مجموعها لعدد من الحدود وصل إلى 64 حداً، كذلك عدد مربعات رقعة الشطرنج والتي سميت لاحقاً متسلسلة الشطرنج وقد تم حسابها من قبل البيروني.

ويمكن الإشارة إلى أن المتسلسلات بشكل عام والهندسية منها بشكل خاص كانت موضع اهتمام ودراسة من قبل العلماء العرب والمسلمين أمثال ابن الهيثم، والكرخي، والسمؤل، وابن حمزة المغربي وغيرهم. وقد أعطوا العديد من الأمثلة على هذه المتسلسلات والتي نراها في الكتب والمخطوطات التي احتوتها المتاحف والمكتبات في جميع انحاء العالم.

إن هذه الحقائق تبرهن وتؤكد انجازات واسهامات العلماء العرب والمسلمين وتوضح دورهم في التطور العلمي للرياضيات.

 

 

اللوغاريتمات Logarithms

تشير المصادر العلمية التاريخية إلى أن اللوغارتيمات قد تم اكتشافها في القرن السادس عشر الميلادي، ولكن استناداً إلى الكثير من المصادر العربية والأوربية فأن فكرة اللوغارتيمات قد أعطيت بواسطة العالم العربي ابن يونس (توفي عام 1008م) في قاعدته المعروفة:

2cos x cos y = cos(x+y) + cos(x-y)

لقد كانت هذه الفكرة مفيدة جداً للعلماء الأوربيين والذين استفادوا بعد ذلك في اكتشافهم للوغارتيمات. يقول سارتون في كتابه (الدليل إلى تاريخ العلم): ((لا يوجد جدال حول أن ابن يونس كان أول من أعطى فكرة اللوغارتيمات)). كذلك يقول سوتر ((إن فكرة ابن يونس لعبت دوراً مهماً لدى الفلكيين قبل اكتشاف اللوغارتيمات وبعدها، هذه القاعدة كانت اللبنة الأولى في اكتشاف اللوغارتيمات)). (سوتر،1952، ص 320-322).

بالإضافة إلى ذلك فأن سنان ابن الفتح قد درس موضوع عرض عمليات الضرب والقسمة عن طريق عمليتي الجمع والطرح، بعبارة أخرى إن هذه فكرة كانت القاعدة الاساسية للوغارتيمات. وتشير المصادر العربية إلى أن ابن حمزة المغربي (القرن السادس عشر الميلادي) قدم دراسات مهمة بخصوص المتسلسلات الحسابية والهندسية وهذه العلاقة قادت فيما بعد إلى اكتشاف اللوغارتيمات عام 1594م بواسطة نابير أي بعد 24 سنة من فكرة ابن حمزة المغربي.

لقد أخذ ابن حمزة المغربي المتسلسلة الهندسية 1,2,4,8,16,… وكذلك المتسلسلة الحسابية 1,2,3,4,5,…. معتبراً أن حدود المتسلسلة الحسابية هي قوى لأساس حدود المتوالية الهندسية. وهنا لابد من الإشارة إلى أن أساس المتسلسلة الهندسية أعلاه هو 2.

فإذا أخذنا العدد 16 من المتسلسلة الهندسية سنلاحظ أن العدد الذي يقابله في المتوالية الحسابية هو 5. واذا أخذنا حدين حاصل ضربهما 16 فإننا نجد انهما 2 و8. وهذا يعني أن 2 في المتسلسلة الهندسية يقابل 2 في المتسلسلة الحسابية، والعدد 8 في المتسلسلة الهندسية يقابل 4 في المتسلسلة الحسابية، ولهدا فأن العدد 5 هو يساوي (2+4)-1.

فلو كان ابن حمزة المغربي قد استخدم المتسلسلة الحسابية مع المتسلسلة الهندسية مبتدءاً بالصفر ومن ثم أخذ حدود المتسلسلة كقوى للأساس المقابل لحدود المتسلسلة الهندسية فكان يمكن أن نقول اليوم أن ابن حمزة المغربي هو من اكتشف اللوغارتيمات.

مسألة مكة لابن حمزة المغربي:

تتلخص هذه المسألة بأن: في مرة من المرات جاء عالم هندي من حجاج بيت الله الحرام في مكة جاء إلى ابن حمزة المغربي يسأله أن يحل له مسألة صعب حلها على علماء الهند وهي:

مات رجل وترك وترك 9 أطفال، وترك لهم إرثاً هو 81 نخلة. النخلة الأولى تعطي رطلاً واحداً من التمر سنوياً، والثانية تعطي رطلين سنوياً، والثالثة تعطي ثلاثة أرطال من التمر سنوياً، والرابعة تعطي أربعة أرطال من التمر سنوياً إلى أن نصل إلى النخلة الحادية والثمانين فتعطي واحد وثمانون رطلاً من التمر. المسألة هو كيف يمكن تقسيم أشجار النخيل هذه على أطفال الرجل بحيث أن كل طفل يحصل على حصة مساوية لحصة الآخرين من كمية التمر المنتج؟. واضح أن كل طفل سيحصل على 9 من أشجار النخيل ولكن كيف يمكن توزيعها عليهم لنضمن حصولهم على نفس الكمية من التمر؟. توصل ابن حمزة المغربي إلى حل المشكلة باستخدام الجدول الآتي:

عدد الأبناء

الابن التاسع

الابن الثامن

الابن السابع

الابن السادس

الابن الخامس

الابن الرابع

الابن الثالث

الابن الثاني

الابن الأول

 

 

 

عدد أشجار النخيل

1

2

3

4

5

6

7

8

9

18

10

11

12

13

14

15

16

17

28

27

19

20

21

22

23

24

25

34

35

36

28

29

30

31

32

33

42

43

44

45

37

38

39

40

41

50

51

52

53

54

46

47

48

49

58

59

60

61

62

63

55

56

57

66

67

68

69

70

71

72

64

65

74

75

76

77

78

79

80

81

73

حصة كل ابن

369

369

369

369

369

369

369

369

369

لقد بدأ ابن حمزة المغربي الحل بوضع ارقام في الصف الأول من الجدول تبدأ ب  1,2,3…9. الصف الثاني يبدأ ب (10) ويضعها في المربع الثاني حتى يصل إلى الرقم 17 ويضع الرقم 18 في المربع الأول من الصف الثاني. ثم يأتي إلى الصف الثاثلث ويضع العدد 19 في المربع الثالث لينتهي بالعدد 25 ويضع العدد 26 في المربع الأول والعدد 27 في المربع الثاني من الصف. ثم الصف الرابع ويبدأ بالعدد 28 ويضعه في المربع الرابع لينتهي بالعدد 33. ويرجع إلى المربع الأول من الصف الرابع ليضع فيه العدد 34 وثم العدد 35 في المربع الثاني  ثم العدد 36 في المربع الثالث من الصف الرابع.

واستمر ابن حمزة في هذه العملية لكل صفوف الجدول إلى الصف الأخير وهو التاسع حيث وضع  العدد 73 في المربع التاسع من الصف التاسع ثم وضع العدد 74 في المربع الأول والعدد 75 في المربع الثاني وثم العدد 76 في المربع الثالث إلى أن وصل إلى المربع الثامن ليضع فيه العدد81. بعد ذلك جمع ابن حمزة الأعمدة التسعة التي تكونت لديه ليحصل على حصة كل طفل من الأطفال مساوية لأخوانه وهي 369 رطلاً من التمر وبهذا حل ابن حمزة المغربي مشكلة العالم الحاج الهندي.

الجبر:

يعد علم الجبر من العلوم العربية الأصيلة التي يظهر بها الأثر العربي واضحا سواء من حيث تسميته أم معادلاته وعلاقاته الرياضية الأخرى. فقد أضفى العرب على هذا الجانب العلمي التسمية العربية والتي يرجع الفضل بذلك للعالم الخوارزمي وكتابه الموسوم (الجبر والمقابلة) والمتضمن بصورة خاصة على العمليتين الأساسيتين اللتين تستخدمان في حل المعادلات، وعن طريق هذا الكتاب انتقلت التسمية العربية إلى كل اللغات الأجنبية بلفظه العربي (الجبر algebre) كما هو الآن يستعمل في اللغات الإنجليزية والألمانية والفرنسية.(عمر فروخ، تاريخ العلوم عند العرب، ص142).

لقد أشاد الكثير بفضل العرب في إضفاء التسمية العربية وعدٌوه من الأعمال المهمة التي قدموها للفكر الرياضي، فقد ذكر ول ديوارنت: (إن علم الجبر يدين لاسمه إلى العرب الذين ارتقوا بهذا العلم الكاشف للخبايا الحلال للمعضلات). أما كوبر بونج فيذكر: (إن اسم الجبر في اللغات الأوربية (الجبرا) يدل على أن الاسلام أعطاه للمسيحية).

أما جوان فرنيه، فأوضح بأن أول دراسة علمية منهجية جادة لعلم الجبر جاءت من العرب أوجدوا هذا الفرع الرياضي المهم).

إن الاكتشافات العلمية التي أُنجزت عالمياً قبل القرن السابع عشر الميلادي كانت أساس التقدم العلمي الرياضي والتربوي الحالي، إذ بدأ إزدهار حركة التطور العلمي العربي في القرن التاسع الميلادي وتحديداً في عصر الخليفة العباسي المأمون (توفي عام 833).

يعد الخوارزمي أول من كتب في الجبر بطريقة منظمة علمية، إذ كان لكتابه الجبر والمقابلة الدور الكبير والمهم في تطور علم الجبر لاحقاً. لقد كانت الولايات العربية والاسلامية مراكز علمية لأنشطة العلماء، إذ كان أهمها وأكثرها إثراءاً بالعمل العلمي هو بيت الحكمة في بغداد والتي أنشأها الخليفة المأمون. في هذا الوقت ألف الخوارزمي كتابه وذكر في بداية كتابه عدد من الأسباب التي تعدته إلى تأليف هذا العمل، منها تشجيع الخليفة المأمون للعلم والعلماء، إضافة إلى رغبته في توضيح وتسهيل الجوانب الرياضية المبهمة والصعبة مع شعوره بحاجة الناس إلى ذلك النوع من التأليف ليكون لهم عوناً في قسمة المواريث وتنفيذ الوصايا وإتمام عمليات القسمة والأعمال التجارية وأعمال مساحة الأرض، وقياس وكري الأنهار وغيرها من الأعمال الهندسية، لينال مرضاة الله سبحانه وتعالى. لقد كان تأثير الخوارزمي في تطور الأفكار الرياضية آنذاك يفوق أقرانه من العلماء في تلك الحقبة التاريخية.( Dictionary of Scientific Biography, vol.VII,(358-365)).

كان الخوارزمي متحفزاً لتقديم أنشطته العلمية وخصوصاً في الجبر لما لهذا الموضوع من مساس في حياة الناس اليومية وتحديداً في علوم الميراث والتي كانت تسمى علم الفرائض. كما اكتشف الخوارزمي طرق جبرية تسهل التعامل مع هذه المشاكل اليومية.

وقد ترجم كتاب (الجبر والمقابلة) للخوارزمي إلى لغات أجنبية عدة. ففي عام 1140 ترجم روبرت أوف جستر الكتاب إلى اللغة اللاتينية، ثم بعدها بوقت قصير جدا أصبح هذا الكتاب الأساس في علم الجبر في أوربا. وبقي كتاب الخوارزمي معروفة لدى علماء اوربا من خلال هذه الترجمة. كما اهتم علماء الغرب بايجاد النسخة العربية للكتاب إلى أن وجدوا عام 1831م نسخة مخطوطة منه محفوظة في مكتبة بودلين بأكسفورد يرجع تاريخها إلى عام 725هجرية الموافق 1325 ميلادية، أي أنها بعد مؤلفها الخوارزمي ب 500 عام وقد نشر علي  مصطفى مشرفة ومحمد مرسي أحمد هذه المخطوطة باللغة العربية عام 1937ميلادية بعد التحقيق والتعليق عليها. ويقول توفيق الطويل في كتابه (العرب والعلم في عصر الاسلام الذهبي ودراسات علمية أخرى): (وقد نقل كتاب الخوارزمي إلى اللاتينية في النصف الأول من القرن الثاني عشر أدلارد أوف باث (Adelard of Bath) الذي درس العربية في مدارس الأندلس. كما ترجمه أيضاً جيرارد أوف كريمونا.

يقول نيقولا فارس مترجم كتاب (رياضيات الخوارزمي تأسيس علم الجبر) للمؤلف رشدي راشد: أن كلمة الخوارزمية (Algorithm) والتي تعني ((طريقة حسابية عملية)) وإحدى الكلمات المشتقة منها (Algorithmique) تدل على فصل علمي أساسي في برمجة الحاسوب. وقد وردت هذه الكلمة للمرٌة الأولى في القرن الثاني عشر الميلادي، في الصيغ اللاتينية لكتاب الخوارزمي الحسابي. إحدى هذه الصيغ تبدأ بعبارة: Dixit Algorismi…. (قال ألغوريسمي....)، التي بدت وكأنها عنوان للكتاب اللاتيني. وبدءاً من القرن الثالث عشر الميلادي، أخذت هذه الكلمة تشير إلى مجمل العمليات الحسابية الوضعية بواسطة النظام الرقمي العشري، واختلفت آراء المتعاطين بعلم الحساب، بخصوص أصلها ومعناها، إلى أن حسم المستشرق الفرنسي ف. ت. رينو (F.T. Reinaud) الأمر عام 1845، ببرهانه أن الكلمة هي اسم مؤلف ذلك الكتاب، محمد بن موسى الخوارزمي. ولم تنتقل كلمة (خوارزمية) إلى اللغة العربية سوى حديثاً، وبشكل خاص مع تأسيس فصل الحسابات العددية والتحليل العددي في الرياضيات، ومع انتشار علوم الحاسوب.

لم يكن الخوارزمي العالم العربي الوحيد الذي كتب في الجبر، بل جاء من بعده العديد من العلماء العرب منهم: سند بن علي ( المتوفي سنة 250ه) الذي ألف كتابه الموسوم: الجبر والمقابلة وكذلك العالم أبو حنيفة الدينوري (المتوفي سنة 282ه) قد صنف كتابين في الجبر هما: (الجبر والمقابلة) و (نوادر الجبر). (ابن النديم: الفهرست، ص86).

أما أبو الحسن ثابت بن قرة الحراني (المتوفي سنة 288ه/901م) فقد ألف كتاباً في علم الجبر هو كتاب (تصحيح مسائل الجبر بالبراهين الهندسية) وقد حاول في هذا الكتاب الربط بين المفاهيم الهندسية والجبرية واتخاذ الأمور الهندسية أساساً لإثبات صحة بعض المسائل الجبرية، أي أنه يقترب في بابه من جوانب الهندسة التحليلية.

أما أبو برزة الفضل بن محمد الجيلي (المتوفي 298ه/910م) كتابه الموسوم (الجبر والمقابلة). (طوقان، تاريخ العرب العلمي، ص206).

أما سنان بن الفتح الحراني (المتوفي سنة 331ه/942م) فقد شرح كتاب الخوارزمي بكتابه الموسوم: (شرح الجبر والمقابلة). (ابن النديم: الفهرست، ص339).

أما أبو كامل شجاع ابن أسلم (الذي عاش حوالي 236ه-318ه) فكان من العلماء الذين اهتمو بدراسة علم الجبر وخاصة كتاب الخوارزمي، وقد توسع في شرح الأصول والعمليات الجبرية التي جاء بها الخوارزمي وأضاف زيادات مهمة إذ قال (... ألفت كتاباً في الجبر والمقابلة ورسمت بعض ما ذكره محمد بن موسى الخوارزمي في كتابه ليكون مستغنياً بنفسه عنه وبينت وشرحه وأوضحت ما ترك الخوارزمي في إيضاحه وشرحه وبينته ووصلت ذلك بما وهب الله... ليكون ذلك زيادة للعلماء بحساب الجبر والمقابلة على ما عندهم منه وليعلموا وجوب حقي عليهم...). وأضاف ابو كامل في كتابه حل بعض المعادلات بطرق هندسية إضافة إلى شرحه للمعادلات ذات الدرجة التي هي أعلى من الثانية مع ميله إلى الناحية النظرية في معالجة القضايا الجبرية. ويعد كتابه الجبر والمقابلة من نوادر كتب التراث العلمي العربي في جانب العلوم الرياضية. كما كتب أبو كامل كتاباً ثانياً هو الوصايا بالجبر والمقابلة، وثالثاً اسمه طرائف الحساب. (المنشداوي، ص385).

كما ألف أبو الوفاء البوزجاني المتوفي (سنة 388ه/ 998م) كتاباً شرح به كتاب الجبر والمفابلة وهو كتابه الموسوم: (تفسير كتاب الخوارزمي في الجبر والمقابلة) شرح فيه كتاب الخوارزمي في صناعة الجبر والمقابلة.

كذلك فعل أبا بكر الكرخي، فقد أظهر اهتماماً واضحاً في علم الجبر، حيث صنف في ذلك كتابين، الأول: (الفخري في الجبر) والذي تضمن مباحث مهمة في علم الجبر فقد عالج القوى والجذور بصورة أكثر نضجاً كذلك اكتشف نظرية ذي الحدين للأسس صحيحة وموجبة، وغيرها من الإضافات المهمة.

 كما الف الكرخي كتابه الآخر في (علل حساب الجبر والمقابلة) ذكر فيه أنه قد أوضح طريقة إقامة البرهان على بعض الجوانب الجبرية والتي كانت قد سلك فيها سابقاً طريقة الخطوط والأشكال.

أما الحسن بن الهيثم المتوفي (430ه، 1039م) فقد صنف كتاباً مهماً في علم الجبر وهو (في تحليل المسائل العددية بجهة الجبر والمقابلة)

أما الرياضي عمر الخيام المتوفي سنة 526ه/ 1131م فقد صنف كتاباً مهماً في الجبر هو: (مقالة في الجبر والمقابلة) وقد أورد فيه مجموعة من المباحث المهمة في معادلات الدرجة الثالثة وأصنافها وطرق حلها.

وكتب العالم السموأل بن يحيى المغربي المتوفي حوالي (570ه/ 1175م) مجموعة من الكتب في الجبر منها: (الباهر في الجبر) الذي تضمن ابتكارات وإضافات رياضية جديدة في علم الجبر، فقد أورد في مقدمة كتابه: (هذا الكتاب الذي جمعنا فيه أصول صناعة الجبر وبرهنا منها ما لم نجد أحداً برهن عليه، و كملنا بما أودعناه من الأعمال المبتكرة والأشكال المبتدعة ما كان في أيدي الناس من هذه الصناعة، وعللنا فيه ما زعم فيثاغورس أنه أدركه بطريق الوحي، وجثنا به صفواً منزهاً من التمويهات والشوائب) كذلك كتب كتاباً آخر اسمه (الزاهر في الجبر). (المنشداوي، ص388).

أما ابن الياسمين أبو محمد عبدالله بن حجاج (المتوفي سنة 601ه/ 1204م) فقد نظم أرجوزتين في الجبر، الأولى وتسمى ب(الأرجوزة الياسمينية في الجبر والمقابلة) والتي ألفها حوالي سنة 587ه وتتكون من سبعة وخمسين بيتاً، وفي بعض النسخ تتكون من ثلاثة أو أربعة وخمسين بيتاً كما هو الحال في النسخة المحفوظة في دار الكتب في تونس ونسخة مكتبة الأسكوريال في إسبانيا. وقد تطرق ابن الياسمين في أرجوزته إلى شرح أصول الجبر والمقابلة وبعض القوى والأسس وطرائق ضربها وقسمتها. أما الأرجوزة الثانية له فهي: (أرجوزة مشتملة على أعمال الجذور). (المصدر السابق، ص389).

أما العالم ابن الهائم المقدسي المتوفي سنة 815ه، فقد ترك لنا مجموعة من المؤلفات في العلم الجبر، منها كتابه الموسوم: (شرح الارجوزة الياسمينية في الجبر والمقابلة) والذي قسمه على مقدمة وثلاثة أبواب وخاتمة تضمنت بيان معاني الألفاظ التي يتداولها أهل الجبر ووجوه التصرفات في المقادير المجهولة والمسائل الست وقد ألفه في مكة سنة 789ه، ومنه مجموعة من النسخ الخطية محفوظة في مكتبات تركيا.

كذلك كتب قصيدة في الجبر هي: (المقنع في الجبر والمقابلة) والتي تتكون من تسعة وخمسين بيتاً تضمنت أسماء الأنواع المجهولة ومراتبها وأسسها وأعمال العدد والجذور.

المعادلات الجبرية:

لقد اهتم العلماء العرب بالمعادلات الجبرية وأعطوا بعض المفاهيم الجديدة للمقادير الجبرية، وقد ميز العلماء وفي مقدمتهم الخوارزمي الكميات الجبرية وعرفوها وصنفها الخوارزمي إلى ثلاثة أصناف أو أنواع: الجذر أو شيء وهو المجهول x، والمال وهو مربع الشيء أو مربع المجهول ، والمفرد وهو العدد المطلق. ويقول الخوارزمي في كتابه الجبر والمقابلة: (وجدت الأعداد التي يحتاج إليها في حساب الجبر والمقابلة على ثلاث ضروب وهي جذور وأموال وعدد مفرد لا ينسب إلى جذر ولا إلى مال. فالجذر منها: كل شيء مضروب في نفسه، من الواحد وما فوقه من الأعداد وما دونه من الكسور. والمال: كا ما اجتمع من الجذر المضروب في نفسه. والعدد المفرد كل ملفوظ به من العدد، بلا نسبة إلى جذر ولا إلى مال). (راشد، ص167).

وقد أضاف العلماء العرب الذين جاءوا بعد الخوارزمي كميات جبرية جديدة مثل: كعب وتعني ، ومال مال وتعني x مرفوعة للقوة 4، ومال كعب وتعني x  مرفوعة للقوة 5، وكعب كعب وتعني x مرفوعة للقوة 6، وهكذا....

وقد قسم الخوارزمي المعادلات (من الدرجة الأولى والثانية) إلى ستة أقسام وقد تضمنت تلك الأقسام على معادلة خطية من الدرجة الأولى وعلى خمسة معادلات من الدرجة الثانية:

·        أموال تعدل جذوراً.     أي: ax² = bx

·        أموال تعدا عدداً.       أي: ax² = n

·        جذور تعدل عدداً.      أي: bx = n  معادلة من الدرجة الأولى.

·        أموال وجذور تعدل عدداً.   أي: ax² + bx = n

·        أموال وعدد تعدل جذوراً.   أي:  ax² + n = bx

·        جذور وعدد تعدل أموالاً.   أي: bx + n = ax²

لقد عرف العلماء العرب والمسلمين جمع وطرح المقادير الجبرية وكيفية التعبير عنها بالكلمات قبل اكتشاف الرموز الجبرية. فقد استعمل العرب كلمة (زيادة) للدلالة على عملية الجمع أو الإضافة. أما عملية الطرح فكانوا يستخدمون كلمة (ناقص) أو كلمة (إلا).

وقد وردت هذه الطريقة في التعبير عن عمليتي الجمع والطرح في كثير من كتب الرياضيات العربية، وأن أول من كتب بهذا المجال وبهذه الطريقة هو الخوارزمي في كتابه الجبر والمقابلة كما وجدت بنفس الطريقة في أعمال أبو كامل المصري وآخرين.

كما وجدت في كتبهم أيضاً عمليات ضرب المقادير الجبرية وهناك الكثير من الأمثلة على ذلك، (وإن قال: عشرة إلا شيئاً في عشرة إلا شيئاً، قلت عشرة في عشرة بمائة، وإلا شيئاً في عشرة عشرة أشياء ناقصة، وإلا شيئاً في عشرة عشرة أشياء ناقصة، وإلا شيئاً في إلا شيئاً مال زائد، فيكون ذلك مائة ومالاً إلا عشرين شيئاً). (راشد، ص181).

وإذا وضعنا كلام الخوارزمي هذا في صيغ جبرية حديثة سنتوصل إلى المعادلة الآتية:

(10-x)(10-x)=100+x² -20x.

كما تناول الخوارزمي عملية قسم المقادير الجبرية عند التعامل مع المعادلات الجبرية وكذلك فعل الكرخي. كما أعطوا قاعدة جبرية لقسمة المقادير وهي:

(ناتج قسمة شيء على شيء واحد، و قسمة مال على شيء يعطي شيء وقسمة مال على مال يعطي واحد، وقسمة كعب على شيء يعطي مال، وعلى مال يعطي شيء وعلى كعب يعطي عدد. وإذا ما حولنا هذا الكلام إلى لغة الجبر الحديثة نحصل على:

x/x = 1, x²/x = x, x²/x² = 1, x³/x = x², x³/x² = x, x³/x³ = 1

وهذا يعني أن:  x/x³ = xⁿ¯³ ،

معادلات الدرجة الأولى:

استخدم العلماء العرب العديد من الطرق لايجاد حلول معادلات الدرجة الأولى، أو ما يسمى حاليا المعادلات الخطية. أهم الطرق هي:

الأربعة المتناسبة:

وهي طريقة لحساب المجاهيل بواسطة طريقة الأربعة المتناسبة في حالة وجود أربعة مقادير جبرية، ثلاثة منها معروفة ونريد حساب الرابعة وهذا هو القانون:

a/b = c/d

طريقة حساب الخطأين:

تعد هذه الطريقة من الطرق المعروفة والمشهورة عند العرب، ولا تستطيع أن تجد كتاباً في الجبر من كتب تلك الحقبة التاريخية إلا وقد احتوى هذه الطريقة. فقد ظهرت في أعمال الخوارزمي وثابت كوستا بن لوقا وأبو كامل وابن يونس وابن الهيثم وغيرهم.

وتستخدم هذه الطريقة لحساب القيمة التقريبية للمعادلة ax + b = 0 أو لحساب جذر لحساب جذر المعادلة. شرح الطريقة كالآتي:

نفرض أن x¹ ، هما قيمتين تقريبيتين للمعادلة

نفرض أن y¹، هما قيمتين كاذبتين أو خطأين.

إذا كانت القيمتين التقريبيتين لجذر المعادلة  x¹، صحيحين فإن:

ax¹ + b = 0

ax² + b = 0

أما إذا كانت القيمتين التقريبيتين خطأً فإن:

y¹= ax¹ + b  ……..(1)

y² = ax² + b   ……..(2)

وبطرح معادلة (2) من معادلة (1) نحصل على:

 

وبضرب معادلة (1) في ومعادلة (2) في x¹ نحصل على:

y¹x² = ax¹x² + bx²   ……………………..(3)

y²x¹ = ax²x¹ + bx¹  ………………………(4)

وبطرح 4 من (3) نحصل على:

b=(y¹x² - y²x¹)/ (y¹ - y²)

 

X = (y¹x² - y²x¹)/ (y¹ - y²)

وهذه النتيجة هي جذر تقريبي للمعادلة. وهي نفس الطريقة التي تستخدم بأوربا وتسمى بالانجليزية (Double False Position) أو (الموقع المزدوج الكاذب). ويعد هذا إنجازاً علمياً عربياً. وتسمى بالتحليل العددي Regula Falsi. كما أن هذه الطريقة تشبه طريقة حساب الكفتين التي استخدمها العرب.

ويمكن الحصول على نفس الجذر التقريبي للمعادلة بواسطة استخدام طريقة المحدد لحل المعادلة:

ax + b + 0 = 0                       x     1     0   

ax¹ + b - y¹ = 0                    x¹   1     -y¹

ax² + b - y² = 0                         1    -y²

وبحل هذه المعادلة نحصل على جذر المعادلة:

X = (y¹x² - y²x¹)/ (y¹ - y²)

ومن المحتمل أن يكون استخدام هذه الطريقة من قبل العرب هو أساس لفكرة المحددات.

معادلات الدرجة الثانية:

قدم الخوارزمي عدة طرائق لحل معادلات الدرجة الثانية منها تحليلية وهندسية وجبرية. وقد استخدم طريقة إكمال المربع لايجاد جذر المعادلة تحليلياً.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع