القائمة الرئيسية

الصفحات

أخبار الاخبار

احدث المواضيع


حروف العطف


حروف العطف هي تسعة :

الواو: تعطف الاسم على ما قبله وهي لتجمع: أتت الأم وابنتها وأختها.
الفاء: تستعمل للعطف والترتيب الذي هو نوعان: نوع يفيد الترتيب في المعنى (يكون المعطوف لاحقًا ومتصلاً بلا مهلة: خلقك فسواك فعدلك) وآخر يفيد الترتيب مع التعقيب (خرج الطبيب فالمريض).

ثُّم: هو حرف للعطف والترتيب ولكن مع التراخي في الزمن بين المعطوف والمعطوف عليه: جاء سمير ثم أحمد.
أو: للتخيـير أو الشك: أكل الطعام الأب أو الابن.
أم: حرف عطف يفيد طلب التعيين: أجلب هذه أحمد أم إيمان؟
لا: حرف عطف يفيد نفي الحكم عن المعطوف: اشتريت الخبز لا اللبنة.
لكن: تفيد الاستدراك وهي عاطفة على ما قبلها: ما قام أحمدٌ لكن إيمان.
بل: تفيد إبطال المعنى الذي قبلها: جاء الأستاذ بل المدير.
حتى: وهو يفيد الغاية: قدم التلاميذ حتى الأستاذ.

الحرف في اصطلاح النحويين

إذا ورد في كلام النحويين أن الكلمة: اسم وفعل وحرف، فإنهم لا يعنون بالحرف الحروف الأبجدية: الألف والباء والتاء . . .، ولا يقصدون به أبعاض الكلمات نحو الزاي من (زيد) أو العين من (عمرو).
وإنما يقصد النحويون بالحرف: حروف المعاني، نحو حروف الجر (من، إلى، في . . .) ونحو حروف العطف (الواو، الفاء، ثم . . .) إلخ.
لذلك يعرّف النحويون الحرف بأنه: كلمة دلّت على معنىً في غيرها. وهذا التعريف كما ترى لا ينطبق على الحروف الأبجدية أو الحروف التي هي أبعاض الكلم، وإنما ينطبق على حروف المعاني.

فالمقصود أن حروف المعاني، والحروف الأبجدية، وحروف أبعاض الكلم، كلها تسمى حروفاً. ولكن الذي يعد قسماً من أقسام الكلمة مع الفعل والاسم هو فقط حروف المعاني.

لذلك فإن عليك دائماً أن تعرف ماذا يقصد أهل كل فن بمصطلحاتهم التي اصطلحوا عليها في ذلك الفن، فإن معنى المصطلح الواحد قد يختلف باختلاف الفن الذي يذكر فيه هذا المصطلح، ولْنضرب على ذلك مثالاً:

كلمة الفقه:

في اصطلاح أهل اللغة: هي الفهم الدقيق.
في اصطلاح الفقهاء: معرفة الأحكام الشرعية العملية بأدلتها التفصيلية، فتختص بأعمال المكلفين ولا تشمل الاعتقاد. وفي الشرع: يدخل فيها جميع العلوم الشرعية من فقه وعقيدة وتفسير . . .إلخ، وبالمعنى الأخير وردت في قول النبي صلى الله عليه وسلم (من يُرِدِ اللهُ به خيراً يفقّهْهُ في الدِّين). والله أعلم.

تفسيره لبعض حروف العطف:

يُستعمل حرفا العطف "الفاء" و "ثم" في سياق قصة الخلق في القرآن الكريم. ويحاول الدكتور شاهين أن يفسر ورود أحد الحرفين في سياق معين في مقابل عدم ورود حرف العطف الآخر وسيلة لتعضيد تمييزه بين "البشر" والإنسان".
فهو يقول في تفسير قوله تعالى، "ولقد خلقناكم ثم صورناكم": "وهما مرحلتان في عمر البشرية، لعلهما استغرقتا بضعة ملايين من السنين. . . ومع ملاحظة استعمال الأداة (ثم) التي تفيد التراخي بين الأمرين"(ص86).

ويقول، عند الكلام على قوله تعالى:"وبدأ خلق الإنسان من طين. ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين. ثم سواه ونفخ فيه من روحه"(ص ص 105ـ106): "والأداة (ثم) للترتيب مع التراخي، وكأن استعمالها في هذا السياق ترجمة لمفهوم الزمان المتطاول الذي عبر عنه الظرف (إذا)، في مقابل استخدام الفاء أو الواو في ربط أجزاء أخرى من الآيات، تعبيرا عن التعقيب أو مطلق الجمع".

لكننا حين نتأمل الحالات التي يرد فيها حرف العطف "ثم" في القرآن الكريم نجد أنه ورد في التعبير عن الفترات القصيرة نحو مدة الحمل (ص92، ص106).
كما يرد حرف العطف "الفاء" في قوله تعالى:"يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم. الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركَّبك"(الانفطار 6ـ8). وواضح أن هذا الترتيب بين الأحداث في هذه الآية يدخل فيما يرى المؤلف أنه آجال طويلة. وأمام هذا الدليل على عدم التمييز بين حرفي العطف نراه يجنح إلى تفسير استعمال "الفاء" هنا بأنها "ضُمِّنت معنى (ثم)" (ص107).

وبهذا فإن حرفي العطف لا يعود لهما المعاني التي يرى أنها تميز بين الفترات القصيرة والطويلة، وهو ما يلزم من تطاول الأحقاب في مسألة الخلق الأول وقصرها في مسألة الحمل والفترات القصيرة الأخرى، كما يرى.
وهذا دليل آخر، يضاف إلى الأدلة السابقة، على عدم إمكان التمييز بين "البشر" و"الإنسان.

وخلاصة القول أن تمييز الدكتور عبد الصبور شاهين بين "البشر" و"الإنسان" غير مقنع، ولم يتبين من خلال معالجته أنه تمييز ممكن. فقد كانت الأدلة كلها مما يمكن الاختلاف فيه.


موقفه من نظرية التطور

هاجم الدكتور عبد الصبور شاهين نظرية التطور هجوما عنيفا. ومن الأمثلة على هذا الهجوم قوله:". . . كما يصل[أحد الآراء المنسوبة إلى أحد الباحثين] في النهاية إلى رفض نظرية داروين، بأسلوب التقنية المعاصرة"(ص37). وقوله: "غني عن القول أن كل الجهود العلمية حتى الآن تنصب على معارضة داروين فيما ذهب إليه، وأن ما قدمناه لم يكن سوى بعض العينات التي جهد فيها العلماء ليدحضوا مذهب النشوء والارتقاء، حتى إننا نستطيع أن نقول: إن نظرية داروين لكثرة ما تعرضت له من نقد ـ مجرد مقولة هشة لا تعني شيئا في مجال البحث عن أصل الإنسان، وإن قدمت الكثير في مجال(البيولوجيا) أو علم الأحياء" (ص39). وهو قول متناقض عجيب!
وقوله، إن:" . . . البشرية في المفهوم الديني القرآني جنسا واحدا، لا عدة أجناس مقتبس بعضها من بعض على ما قررته النظرية الداروينية التي أسقطها العلماء في الشرق والغرب على السواء"(ص115).

وعلى الرغم من هذا الهجوم على نظرية التطور إلا أن الدكتور شاهين يقبل في كتابه بعض المفاهيم الأساسية في هذه النظرية. ومن هذه المفاهيم العمقُ الزمني الطويل الذي مر به الإنسان في تطوره، كما تقول هذه النظرية. ومنها أنه يقبل نتائج الحفريات التي وجدت بقايا لأشكال متعددة للإنسان. فهو يقبل هذه الأطوار ويقول عنها: "وكل هؤلاء الأناسي وجوه مختلفة لمخلوق واحد، كان يتنقل من مرحلة إلى مرحلة في تسوية الخالق له، فكلما مضت مرحلة من التسوية تغيرت بعض أوصافه، وأفرده الباحثون في الجيولوجيا والأنثروبولوجيا بتسمية. . . " (ص ص 28ـ30).
أما السبب الوحيد الذي يجعله يهاجم هذه النظرية فهو ما يقوله من أن هذه النظرية تقول إن الإنسان تطور عن أشكال أدنى، كالقرد مثلا.

والمعلومات التي يبني عليها الدكتور شاهين رأيه عن هذه النظرية أغلبها معلومات خاطئة. فهو لم يرجع إلى الكتب العلمية التي تتضمن الأبحاث عن هذه النظرية وتفصيلات الأدلة التي يوردها المتخصصون في الأحياء عليها؛ وإنما اعتمد على أخبار صحفية قديمة، وأقوال صادرة، في أغلب الظن، عن أناس لا يرون ما تراه هذه النظرية. وكثيرا ما تكون الأقوال التي تخالف هذه النظرية وتسند إلى بعض علماء الأحياء مكذوبة عليهم أو أقوالا أسيء فهمها وتفسيرها(انظر ص ص 32ـ37). وهذا ما دأبت عليه الجماعات التي تؤمن بحرفية القصة التي وردت في سفر التكوين عن كيفية الخلق، وهي التي دأبت على مناصبة هذه النظرية العداء في أمريكا بخاصة.
كما أن موقفه من هذه النظرية يقوم على فهم مغلوط لطبيعة النظريات العلمية، وهو مفهوم لا يتناسب مع ما يراه المشتغلون بالعلوم عن طبيعة النظرية العلمية وبنيتها. فهو يقول (ص42): ". . . وإنما يأتي التناقض[ الظاهر بين القرآن والعلم] من جهة أن العلم لم يستقر بعد على بر الحقيقة الكاملة، بل ما زال يدور في إطار النظريات الظنية الدلالة. . ."

ومعنى هذا أن الدكتور شاهين يفهم النظرية العلمية على أنها "حقيقة". لكن المشتغلين بالعلوم لا ينظرون إلى النظريات على أنها "حقائق"، وإنما هي تفسيرات منضبطة تبقى صالحة حتى يقترح العلماء نظريات أكثر دقة منها.
وأنا لا أريد هنا الدفاع عن نظرية التطور؛ وإنما أريد فقط أن أبين أن تصوير الدكتور شاهين لها تصوير خاطئ. وكان يجب عليه من باب الأمانة أن يرجع إلى المصادر الموثوقة عنها حتى لا ينقل للقارئ أقوالا ليست منها.

هل اعجبك الموضوع :
التنقل السريع